الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويذكر أن عبد الله بن مسعود أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وأنه أسلم وهو غلام، وأنه أخذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم سبعين سورة من القرآن الكريم «1» . ولا شك في تقدم إسلام خباب بن الأرت «2» . وكذلك تقدم إسلام بلال الحبشي وكان رقيقا اشتراه أبو بكر وأعتقه «3» . وثبت أن عمّار بن ياسر أسلم مبكرا «4» .
إسلام الجن:
ويستدل من القرآن الكريم والسنة الصحيحة أن نفرا من الجن رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في نخلة عامدا إلى عكاظ فاستمعوا إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فآمنوا ورجعوا إلى قومهم، ولم يرهم الرسول في هذه المرة وإنما أوحي إليه خبرهم وأنزل الله تعالى عليه سورة الجن «5» . مما يدل على أن بعثته صلى الله عليه وسلم كانت لعالمي الجن والإنس.
بدء الجهر بالدعوة:
دامت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم السرّية زهاء ثلاث سنوات أو أربع سنوات «6» . ولما «نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «7» صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: «يا بني فهر، يا بني عديّ» - لبطون قريش- حتّى اجتمعوا، فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال:«أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقي؟» قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلّا صدقا. قال:
«فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد» ، فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ «8» » «9» .
«ومن الطبيعي أن يبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته العلنية بإنذار عشيرته الأقربين إذ أن مكة بلد توغلت فيه الروح القبلية، فبدء الدعوة بالعشيرة قد يعين على نصرته وتأييده وحمايته. كما أن القيام بالدعوة في مكة لا بد أن يكون له أثر خاص لما لهذا البلد من مركز ديني خطير فجلبها إلى حظيرة الإسلام لا بد أن يكون له وقع كبير على بقية القبائل.. على أن هذا لا يعني أن رسالة الإسلام كانت في أدوارها الأولى محدودة بقريش، لأن الإسلام، كما يتجلى
(1) أحمد- المسند 1/ 379، ابن سعد- الطبقات 3/ 150- 151، ابن أبي شيبة- المصنف 11/ 510.
(2)
ابن أبي شيبة 12/ 149 بإسناد صحيح.
(3)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 99) ، أحمد- فضائل الصحابة 1/ 182، 231 بأسانيد صحيحة، ابن سعد- الطبقات 3/ 233، الحاكم- المستدرك 3/ 284.
(4)
البخاري- الصحيح (فتح 7/ 18، 170) ، أحمد- مسند 1/ 112، 404، ابن سعد- الطبقات 4/ 215، وانظر صحيح مسلم 1/ 596.
(5)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 2/ 253، 7/ 171، 8/ 669- 670) ، مسلم- الصحيح (شرح النووى) 4/ 167- 168، 171 وأنظر سورة الجن، واسباب النزول.
(6)
ابن هشام- السيرة 1/ 159.
(7)
القرآن الكريم- سورة الشعراء، الآية/ 214.
(8)
القرآن الكريم- سورة المسد، الآيات/ 1- 2.
(9)
البخاري- فتح الباري 8/ 360، 609 (الاحاديث رقم 4770، 4971) .
من القرآن، اتخذ الدعوة في قريش خطوة أولى لتحقيق رسالته العالمية. والواقع أن كثيرا من الآيات المكيّة كانت تنص على أن القرآن إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ* «1» » «2» .
وقد أسلم أبوذر الغفاري في هذه المرحلة «3» ، فقد قدم مكة وكان قد بلغته أخبار ظهور النبي صلى الله عليه وسلم فقصد لقاءه، وقد استضافه علي بن أبي طالب، وهيأ له مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم واستمع إلى قوله فأسلم، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى قومه فيدعوهم حتى يأتيه أمره، غير أنه ذهب إلى المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته بالشهادتين مما أثار زعماء قريش وضربوه حتى أضجعوه، وتمكن العباس بحكمته من إنقاذه منهم. وقد عاد أبو ذر إلى غفار فأسلم نصفهم وأسلم النصف الثاني بعد الهجرة «4» .
وفي هذه المرحلة أسلم ضماد، من أزد شنوءة، الذي حدثه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاه إلى الإسلام فأسلم «5» .
وأسلم في هذه المرحلة أيضا الطفيل بن عمرو الدوسي «6» . وعثمان بن مظعون «7» ، كما أسلم حمزة بن عبد المطلب، وفي هذه الفترة اشتدت جرأة قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم «8» .
(1) القرآن الكريم- سورة التكوير، الآية/ 27.
(2)
عماد الدين خليل- دراسة في السيرة ص/ 66.
(3)
البخاري- فتح الباري 7/ 174.
(4)
البخاري- صحيح (فتح الباري 7/ 173) ، مسلم- صحيح 4/ 193- 5.
(5)
مسلم- الصحيح 2/ 593.
(6)
ابن كثير- السيرة النبوية 2/ 76.
(7)
أحمد- المسند 1/ 318، ابن سعد- الطبقات 1/ 174- 175.
(8)
الطبراني- المعجم الكبير 3/ 152- 153.