الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عرفت هذه الحادثة المفجعة بالرجيع نسبة إلى ماء الرجيع الذي حصلت عنده.
وقد أنزل الله سبحانه في أفراد هذه السريّة قوله تعالى «1» : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «2» .
وكان المنافقون قد تظاهروا بالتوجع لقتلى سريّة الرجيع وقالوا ويحهم- لا هم أقاموا في أهلهم ولا هم أدّوا رسالة صاحبهم فأنزل الله تعالى فيهم قوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ «3» .
سريّة بئر معونة:
لم تتوقف وفود الصحابة عن الخروج من المدينة لدعوة الأعراب إلى الإسلام إذ لا بد من تبليغ الدعوة الإسلامية مهما غلت التضحيات؛ ففي الشهر نفسه الذي أرسل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم سرّية الرجيع، أرسل صلى الله عليه وسلم سريّة أخرى إلى بئر معونة «4» ، وذلك أن أبا براء عامر بن مالك المعروف بملاعب الأسنّة قدم إلى المدينة، ودعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد ووعد بإجارة وفد من الدعاة يرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة الأعراب من أهل نجد.
وقد ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إلى نجد سبعين من خيار الصحابة- رضي الله عنهم ممن عرفوا بالقرّاء «5» ، وقد أمّر عليهم المنذر بن عمرو الخزرجي «6» . فلما وصلوا بئر معونة وحرّة بني سليم من أرض عامر بن الطفيل، بعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن الطفيل الذي غدر بهم فأمر بقتل رسولهم إليه الذي طعن في ظهره برمح فصاح:«الله أكبر فزت ورب الكعبة» وقد استنفر ابن الطفيل قومه من بني عامر إلى قتل السريّة فامتنعوا لأجل الجوار الذي سبق من أبي براء، فاستنفر عدو الله بني سليم فأجابته عشائر عصيّة ورعل وذكوان، وخاضوا مع المسلمين معركة ضارية استشهد فيها القرّاء جميعا عدا عمرو بن أميّة الضمري الذي كان قد تأخر عن إخوانه «7» . وقد عاد عمرو بن أميّة بالخبر الأليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وقد فتك وهو في طريقه إلى المدينة
(1) ابن كثير- البداية 4/ 76، واصلا منقطع ابن هشام في السيرة 3/ 248.
(2)
القرآن الكريم- سورة البقرة، الآية/ 207.
(3)
القرآن الكريم- سورة البقرة، الآية/ 204.
(4)
ابن إسحاق- ابن هشام- السيرة 3/ 174، الواقدي- المغازي 1/ 346، ابن سعد- الطبقات 2/ 51.
(5)
البخاري- الصحيح 5/ 41- 44 (حديث 4090) ، وجعلهم ابن إسحاق أربعين صحابيّا.
(6)
خليفة بن خياط- تاريخ 2/ 174، الطبري- تاريخ 2/ 30- 1، وانظر: ابن هشام- السيرة 3/ 174. وفي الوقت الذي يذكر البخاري سببا آخر لإرسالهم وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرسلهم مددا لبطون من بني سليم (الفتح- الحديث 4090) ، ابن سعد- الطبقات 3/ 53 بإسناد صحيح، فإن مسلم يذكر في صحيحه (3/ 1511- حديث 677) بأن سبب إرسالهم إنما هو للدعوة وتعليم الأعراب القرآن والسنّة بناء على طلبهم.
(7)
أشارت الروايات العديدة إلى أن كعب بن زيد بن النجار ترك في أرض المعركة وبه جراحات كثيرة وبه رمق فعاش وشفي وعاش حتى استشهد في غزوة الخندق. البخاري- الصحيح (الأحاديث 4088- 4096) ، مسلم- الصحيح 3/ 1511 (حديث 677)، أحمد- المسند: الفتح الرباني 12/ 63- 65، الهيثمي- مجمع الزوائد 6/ 126، ابن سعد- 2/ 51- 54، ابن هشام- السيرة 3/ 260- 267.