الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتّى إذا صلّى، انصرف إليهم فقال لهم: «لقد أعطيت اللّيلة خمسا ما أعطيهنّ أحد قبلي
…
» وفيه «وأحلّت لي الغنائم آكلها وكان من قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها» «1» .
الأرض مسجدا وطهورا:
اختصّ الله تبارك وتعالى هذه الأمّة من بين سائر الأمم فجعل لها الأرض مسجدا وطهورا فأيّما رجل منها أدركته الصّلاة فلم يجد ماء ولا مسجدا فعنده طهوره ومسجده يتيمّم ويصلّي بخلاف الأمم قبلنا فإنّ الصّلاة أبيحت لهم في أماكن مخصوصة كالبيع والصّوامع.
وقد وردت الأحاديث تبيّن هذا المعنى:
- عن جابر- رضي الله عنه؛ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت خمسا لم يعطهنّ أحد قبلي؛ نصرت بالرّعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيّما رجل من أمّتي أدركته الصّلاة فليصلّ، وأحلّت لي المغانم، ولم تحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشّفاعة، وكان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّة، وبعثت إلى النّاس عامّة» «2» .
- عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك- قام من اللّيل يصلّي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتّى إذا صلّى، انصرف إليهم فقال لهم: «لقد أعطيت اللّيلة خمسا ما أعطيهنّ أحد قبلي
…
- عن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، فقلنا: يا رسول الله ما هو؟ قال: نصرت بالرّعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسمّيت أحمد، وجعل التّراب لي طهورا، وجعلت أمّتي خير الأمم» «4» .
آصار «5» وأغلال «6» موضوعة:
من رحمة الله تعالى وكرمه بهذه الأمّة المحمّديّة أن وضع عنها الآصار والأغلال الّتي كانت على الأمم قبلها،
(1) تقدم كاملا مع تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
مر الحديث كاملا مخرجا.
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
الآصار: الإصر: العهد الثقيل. انظر لسان العرب (4/ 22، 23) .
(6)
الأغلال: الغل: جامعة توضع في العنق أو اليد، يقال: في رقبته غل حديد، والمراد به هنا الأثقال. انظر لسان العرب (11/ 504) ، وتفسير القرطبي (7/ 300) .
فأحلّ لها كثيرا ممّا حرّم على غيرها، ولم يجعل عليها من عنت وشدّة كما قال تعالى: هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «1» . وقال تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ «2» ، وقال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ «3» . فشريعته صلى الله عليه وسلم أكمل الشّرائع وأسهلها وأيسرها، قال صلوات الله وسلامه عليه: «
…
إنّي أرسلت بحنيفيّة سمحة» «4» . وقال لمعاذ وأبي موسى- رضي الله عنهما حين بعثهما إلى اليمن: «يسّرا ولا تعسّرا وبشّرا ولا تنفّرا
…
» «5» . وهذه بعض الأحاديث المختارة الّتي تشير إلى اختصاص أمّة الإسلام بوضع الآصار والأغلال عنها:
- فعن حذيفة- رضي الله عنه قال: غاب عنّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج حتّى ظننّا أنّه لن يخرج فلمّا خرج سجد سجدة حتّى ظننّا أنّ نفسه قد قبضت فيها، فلمّا رفع رأسه قال: «إنّ ربّي تبارك وتعالى استشارني في أمّتي ماذا أفعل بهم فقلت ما شئت أي ربّ هم خلقك وعبادك فاستشارني الثّانية فقلت له كذلك فقال لا نخزيك في أمّتك يا محمّد، وبشّرني أنّ أوّل من يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا مع كلّ ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ثمّ أرسل إليّ فقال: ادع تجب وسل تعطه. فقلت لرسوله: أو معطيّ ربّي سؤلي؟ فقال ما أرسلني إليك إلّا ليعطيك.
ولقد أعطاني ربّي عز وجل ولا فخر
…
وفيه «وأحلّ لنا كثيرا ممّا شدّد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج» «6» .
- وعن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبول فقام إلى دمث «7» حائط هناك وقال: «إنّ بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدهم البول قرضه بالمقراض فإذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد بوله» «8» .
- وعن أنس- رضي الله عنه أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوهنّ في البيوت «9» .
(1) سورة الحج: آية رقم (78) .
(2)
سورة المائدة: آية رقم (6) .
(3)
سورة البقرة: آية رقم (185) .
(4)
رواه الإمام أحمد في مسنده (6/ 116، 233) بلفظ «.. يومئذ لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفة سمحة» قال الألباني: سنده جيد. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (1829) .
(5)
رواه البخاري في مواضع. انظر الفتح 6 (3038) ، ورواه مسلم برقم (1733) .
(6)
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده (5/ 393) . قال الحافظ الهيثمي: رواه أحمد وإسناده حسن. انظر مجمع الزوائد (10/ 68، 69) .
(7)
الدمث: هو الأرض السهلة الرخوة، والرمل الذي ليس بمتلبد. يقال: دمث المكان دمثا إذا لان وسهل. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (2/ 132) .
(8)
رواه الإمام أحمد في مسنده بمعناه (5/ 402)، ورواه الحاكم واللفظ له. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (3/ 466) .
(9)
ولم يجامعوهن في البيوت: أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد.