الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسعد مهاجرة الحبشة وأثلج صدورهم.
وقد وردت العديد من الدلائل التي تفيد إسلام النجاشي فقد ورد في الأخبار أنه أسلم ولذلك خرج عليه قومه، ولكنه حرص قبل محاربتهم على أن يؤمن للمسلمين سفنا ليغادروا عليها إذا ما تعرض للهزيمة «1» . وأنه كتب كتابا يشهد فيه بإسلامه «2» . وأورد الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي أصحمة في اليوم الذي مات فيه في العام التاسع من الهجرة النبوية، وأنه صلّى بالمسلمين صلاة الغائب عليه «3» .
إسلام حمزة بن عبد المطلب- رضي الله عنه
-:
علم حمزة بن عبد المطلب بعد عودته إلى مكة من الصيد- وذلك في السنة السادسة من المبعث- أن أبا جهل قد شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأساء إليه إساءات بذيئة، فبادر إلى أبي جهل وهو في مجلسه بين قومه فضربه بالقوس على رأسه فشجه شجة منكرة، وقال له:«أتشتمه وأنا على دينه؟» وانشرح صدر حمزة للإسلام وعرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزّ وامتنع، وأن حمزة سيمنع عنه الأذى، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه «4» .
إسلام عمر بن الخطاب- رضي الله عنه
-:
كان عمر بن الخطاب رجلا قويا مهيبا، وكان يؤذى المسلمين ويشتد عليهم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن ينصر دينه به «5» .
قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ابن عم عمر وزوج أخته:«والله لقد رأيتني، وأن عمر لموثقي وأخته على الإسلام قبل أن يسلم» «6» .
ولم تصح رواية في تعيين وقت إسلام عمر بن الخطاب- رضي الله عنه وتحديده بشكل دقيق، فقد جعل ابن إسحاق ذلك بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة في هجرتهم الأولى «7» ، ويجعل الواقدي إسلامه في ذي الحجة نهاية السنة السادسة من البعثة النبوية حيث يتراوح عدد المسلمين حينئذ بين أربعين وخمسين، أو ستّا وخمسين منهم عشر أو إحدى عشرة امرأة «8» . وقد أخبرت أم عبد الله بنت أبي حثمة، وهي من مهاجرة الحبشة، أن عمر اطلع استعداداتها وزوجها للهجرة إلى الحبشة، وأنه قد رق لها ولزوجها رغم ما كانوا يلقون منه من البلاء والأذى
(1) ابن هشام- السيرة 1/ 421.
(2)
مسلم- الصحيح (2/ 657 (ح 951) .
(3)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 6/ 141 حديث 1245) ، ابن حجر- فتح الباري 6/ 228- 230، وانظر مسلم- الصحيح 2/ 657 واللفظ للبخاري.
(4)
ابن إسحاق- السير والمغازي ص/ 171- 172، ابن سعد- الطبقات 3/ 9، ابن هشام- السيرة 1/ 360- 361، الهيثمي- مجمع الزوائد 9/ 267، الحاكم- المستدرك 3/ 193.
(5)
أحمد- المسند 6/ 427، أبو داود- السنن 2/ 538، 569، النسائي- السنن 6/ 119.
(6)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 15/ 25 (حديث 3867) ، أحمد- فضائل الصحابة 1/ 278.
(7)
ابن حجر- فتح الباري 7/ 183، ابن هشام- السيرة 1/ 342.
(8)
ابن سعد- الطبقات 3/ 269- 70، ابن حجر- فتح الباري 7/ 178.
قبل ذلك، وبأنها قد رأت منه رقة لم تكن تراها من قبل، قالت:«ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا» .
ويستفاد من الرواية أنها طمعت في إسلامه في حين أظهر زوجها اليأس من ذلك لما كان يرى من غلظته وقسوته على المسلمين قبل ذلك. أما القصة التي توردها بعض المرويات عن أن إسلام أخته وزوجها كان سببا في إسلامه فلم ترد عنها رواية بإسناد صحيح، وهي تتناقض مع ما رواه زوج أخته آنفا بشأن موقف عمر من إسلامهما.
وكذلك الحال مع قصة استماعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو القرآن في صلاته عند الكعبة المشرفة وعمر مستخف بأستارها «1» . ومع ذلك فإن الحافظ ابن حجر أشار إلى أن الباعث على دخوله في الإسلام ما سمع في بيت أخته فاطمة من القرآن الكريم «2» . ولا شك في أن ما يتجلى في الكتاب العزيز من البيان وروعة التصوير لمشاهد القيامة، ووصف الجنة والنار كان له أثر كبير في اجتذاب عمر إلى صفوف المسلمين، كما أن عدم ثبوت الروايات الحديثية هنا لا يعني حتمية عدم حصولها في التاريخ.
استجاب الله تعالى لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأسلم عمر، فأعز الله به الإسلام والمسلمين، وصلى المسلمون بالبيت العتيق دون أن يتعرض لهم المشركون، وهذا ما أشار إليه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود حين قال:
«لقد رأيتنا ما نستطيع أن نصلّي بالبيت العتيق حتى أسلم عمر» و «ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر» ، «إن إسلامه كان نصرا» «3» ، وهو ما عناه حبر الأمة عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما حين خاطب عمر- رضي الله عنه بعد حادثة طعنه، فقد قال له «
…
فلما أسلمت كان إسلامك عزّا وأظهر الله بك الإسلام ورسول الله وأصحابه» «4» .
ولقد كانت ردّة فعل زعماء المشركين من قريش عنيفة عند سماعهم نبأ إسلام عمر- رضي الله عنه. وكان عمر- رضي الله عنه قد تعمد إبلاغهم جميعا عن طريق أكثر الرجال نقلا للأخبار في قريش وهو جميل بن معمر الجمحي، فما أن أعلمه عمر بإسلامه حتى قام يجر رداءه، وعمر خلفه، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته:«يا معشر قريش- وهم في أنديتهم حول الكعبة- ألا إنّ عمر قد صبأ» ، وعمر خلفه يقول «كذب والله، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله» فثاروا حتى لقد سال بهم الوادي من كثرتهم يريدون قتله لولا أن أجاره العاص بن وائل السهمي «5» . وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّاه الفاروق أي الذي
(1) أحمد- المسند 1/ 17- 18 بسند صحيح إلى شريح بن عبيد لكنه مرسل ضعيف لأن شريحا لم يدرك عمر الهيثمي- مجمع الزوائد 9/ 62. أما قصته مع أخته فقد أوردها ابن هشام- السيرة 1/ 425 وهي ترد دون إسناد وقد ضعّف الذهبي إسنادها في السيرة ص/ 179، ورواها ابن سعد- الطبقات 3/ 267- 9 بإسناد ضعيف، وأبو نعيم- دلائل النبوة 1/ 241 بإسناد ضعيف جدّا وفي سنده أبو فروة وهو متروك.
(2)
ابن حجر- فتح الباري 7/ 176.
(3)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 41، 137) ، ابن سعد- الطبقات 3/ 270، الطبراني- المعجم الكبير 9/ 181.
(4)
الطبراني- المعجم الأوسط 1/ 334 بإسناد حسن.
(5)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 177) ، ابن اسحاق- السيرة/ 184- 18 إ بإسناد حسن، وابن هشام- السيرة 1/ 298- 9 وقال ابن كثير «هذا إسناد جيد قوي» ، السيرة النبوية 2/ 38- 39.