الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن عبّاس ومجاهد وسعيد بن جبير: «كانوا يقولون: يا محمّد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظاما لنبيّه صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يقولوا: يا نبيّ الله، يا رسول الله» » .
وقال قتادة- في تفسير الآية السّابقة-: أمر الله تعالى أن يهاب نبيّه صلى الله عليه وسلم وأن يبجّل وأن يعظّم وأن يسوّد «2» .
بخلاف ما خاطبت به الأمم السّابقة أنبياءها، فقال تعالى- حكاية عنهم-:
- قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ
…
«3» .
- قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ «4» .
- إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ
…
«5» .
9- كلم جامع:
«6»
فضّل الله- عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء عليهم السلام بأن أعطاه جوامع الكلم، فكان صلى الله عليه وسلم يتكلّم بالقول الموجز القليل اللّفظ الكثير المعاني «7» أعطاه مفاتيح الكلام وهو ما يسّره له من البلاغة والفصاحة، والوصول إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات والألفاظ الّتي أغلقت على غيره وتعذّرت عليه «8» .
قال العزّ بن عبد السّلام- رحمه الله: «ومن خصائصه أنّه بعث بجوامع الكلم، واختصر له الحديث اختصارا، وفاق العرب في فصاحته وبلاغته» «9» .
وممّا جاء في السّنّة دالّا على هذه الخاصّيّة:
- عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضّلت على الأنبياء بستّ: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرّعب، وأحلّت لي المغانم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافّة، وختم
(1) انظر تفسير ابن جرير (18/ 134) ، وتفسير ابن كثير (3/ 318) .
(2)
اخرجه ابن جرير وغيره. انظر تفسير ابن جرير (18/ 134) ، وتفسير ابن كثير (3/ 318) .
(3)
سورة الأعراف: الآية (134) .
(4)
سورة الأعراف: الآية (138) .
(5)
سورة المائدة: الآية (112) .
(6)
انظر الوفا (2/ 14) ، والشمائل لابن كثير (605) ، والخصائص (2/ 331، 333) .
(7)
قاله الحافظ ابن حجر- انظر فتح الباري (13/ 261) ، ومن قبله قاله الزهري رحمه الله انظر الفتح (12/ 418) ، وابن الأثير- انظر جامع الأصول (8/ 531) .
(8)
قاله ابن منظور في لسان العرب (2/ 537) .
(9)
غاية السول في تفضيل الرسول (ص 47) .
بي النّبيّون» «1» .
- وعن أبي موسى- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت فواتح الكلم «2» وجوامعه وخواتمه «3» » «4» .
قال الحافظ ابن رجب الحنبليّ- رحمه الله: فجوامع الكلم الّتي خصّ بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم نوعان:
أحدهما: ما هو في القرآن كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ «5» .
قال الحسن البصريّ- رحمه الله: «لم تترك هذه الآية خيرا إلّا أمرت به ولا شرّا إلّا نهت عنه» .
الثّاني: ما هو في كلامه صلى الله عليه وسلم وهو منتشر موجود في السّنن المأثورة عنه «6» .. أ. هـ.
ومن ذلك قوله «7» : «إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امريء ما نوى» .
قال الشّافعيّ- رحمه الله: هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابا من الفقه» «8» .
قال القاضي عياض- رحمه الله: «وأمّا كلامه المعتاد، وفصاحته المعلومة، وجوامع كلمه وحكمه المأثورة فقد ألّف النّاس فيها الدّواوين، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب ومنها ما لا يوازى فصاحة، ولا يباري بلاغة.
وذكر- رحمه الله أمثلة كثيرة من أقوال الصّادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك قوله: «اتّق الله حيثما كنت وأتبع السّيّئة الحسنة تمحها وخالق النّاس بخلق حسن» «9» .
وقوله: «الدّين النّصيحة» قلنا لمن يا رسول الله؟ قال «لله عز وجل ولكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين
(1) رواه مسلم برقم (523) .
(2)
فواتح الكلم: قال ابن منظور: «
…
وفي الحديث: أوتيت مفاتيح الكلم، وفي رواية: مفاتح، هما جمع مفتاح ومفتح، وهما في الأصل مما يتوصل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها
…
ومن كان في يده مفاتيح شيء مخزون سهل عليه الوصول إليه، لسان العرب (2/ 537) .
(3)
خواتمه: حسن الوقف ورعاية الفواصل.
(4)
رواه الإمام أحمد في مسنده (1/ 408، 437) عن ابن مسعود رضي الله عنه، وأبو يعلي في مسنده (4/ 1737) عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه، وصحح الحديث الألباني بشواهده- انظر صحيح الجامع الصغير برقم (1069) وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (1483) .
(5)
سورة النحل: الآية (90) .
(6)
انظر كتاب «جامع العلوم والحكم» لابن رجب الحنبلي (ص 3) .
(7)
رواه البخاري- الفتح 1 (1) . ومسلم بلفظ «إنما الأعمال بالنية..» برقم (1907) .
(8)
جامع العلوم والحكم (ص 5) .
(9)
رواه الترمذي برقم (1987) وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد (5/ 153، 158، 228، 236) ، والدارمي برقم (2794)، الحاكم في المستدرك (1/ 54) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.