الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسرف فأقام بها إلى أن تتامّ الناس، ثم انصرف بهم إلى المدينة «1» ، وقد نزل في عمرة القضاء هذه قوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً «2» .
وقد اتضحت في عمرة القضاء هذه جملة أحكام منها حكم من نوى العمرة وأهل بها وصد عن الوصول إلى البيت العتيق، ومنها ما يتعلق بأحكام الرضاعة كما في قصة عمارة بن حمزة بن عبد المطلب، ومنها تقديم الخالة في الحضانة على سائر الأقارب بعد الوالدين «3» .
السرايا والأحداث بين عمرة القضاء وغزوة فتح مكة:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعد عودته من عمرة القضاء سرية من خمسين فارسا إلى بني سليم جعل عليها ابن أبي العرجاء السلمي، فلما فصلوا من المدينة، خرج عين لبني سليم كان معهم إلى قومه فحذرهم، فجمّعوا واستعدوا للقتال؛ وحين وصلت السرية، ودعوا إلى الإسلام رفضوا واستكبروا وأحدقوا بالسرية فقتلوا عامة من فيها وأصيب ابن أبي العرجاء وسقط بين القتلى ثم تحامل ومن عاد إليه من بقايا سريته حتى بلغوا المدينة في شهر صفر سنة 8 هـ «4» .
وفي الأول من شهر صفر من السنة الثامنة للهجرة خرج عمرو بن العاص عامدا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليسلم، فلقيه خالد بن الوليد وهو في الطريق إلى المدينة، يريد ما يريد عمرو، فقدما سويا على الرسول صلى الله عليه وسلم وبايعاه على الإسلام «5» .
وفي صفر من السنة الثامنة للهجرة، بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية من بضعة عشر رجلا جعل عليهم غالب بن عبد الله، وجههم إلى بني الملوّح وهم بالكديد «6» ، وقد كمنت السرية بعد وصولها الموضع وفي السحر شنّوا الغارة
(1) البخاري- الصحيح، فتح الباري 7/ 499 (حديث 4251)، وكان ذلك في ذي الحجة انظر: ابن سعد- الطبقات 2/ 122، ابن هشام- السيرة 4/ 22- 23. في سرف تزوج صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث العامرية: البخاري- الصحيح (فتح الباري، حديث 4259) ، ابن القيم- زاد المعاد (3/ 372- 4) ، أبو داود- السنن 2/ 425، البيهقي- دلائل (4/ 332- 6) ، مسلم- الصحيح (2/ 1032 حديث 1411) .
(2)
القرآن الكريم- سورة الفتح، الآية/ 27.
(3)
البخاري- الصحيح (فتح الباري 7/ 505- حديث 4251) ، أبو داود- السنن، 2/ 709- 710، كتاب الطلاق (حديث 2278) ، ابن القيم- زاد المعاد 3/ 375- 376.
(4)
الواقدي- مغازي 2/ 741 بإسناده إلى الزهري، ابن سعد- الطبقات 2/ 123 معلقا، البيهقي- دلائل 4/ 341 من مراسيل موسى بن عقبة عن الزهري.
(5)
أورد الإمام أحمد قصة إسلام عمرو بن العاص في الفتح الرباني 21/ 133- 136 من رواية ابن إسحاق بإسناد حسن، وكذلك فعل ابن هشام في السيرة (3/ 384- 86) برواية ابن إسحاق أيضا وبإسناد حسن كما فعل الإمام أحمد وأورده الواقدي في مغازيه (2/ 741/ 50) بتفاصيل أكثر، وفيه قصة إسلام خالد بن الوليد أيضا. وانظر في ذلك ابن سعد- الطبقات 4/ 252.
(6)
موضع يقع بين عسفان والكديد.
على الأعداء واستاقوا الأنعام وعادوا بها، وقد عصمهم الله من عدوهم الذي حاول اللحاق بهم «1» .
وفي صفر من السنة الثامنة للهجرة- أيضا، هيأ النبي صلى الله عليه وسلم سرية من مائتي رجل ليرسلهم إلى فدك للانتقام من قتلة أصحاب بشير بن سعد، وكانت تحت إمرة غالب بن عبد الله الليثي «2» ، وقد أصابوا منهم غنائم وقتلوا منهم قتلى «3» .
وفي ربيع الأول من العام الثامن للهجرة عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى كعب بن عمير بأن يقود سرية تتألف من خمسة عشر رجلا إلى ذات أطلاح من أرض الشام شمال وادي القرى. وقد أنذر القوم بالسريّة فجاءوهم على الخيول وأحدقوا بهم وقتلوهم إلّا رجلا واحدا من المسلمين أفلت منهم وعاد إلى المدينة، وأعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما حدث «4» .
وفي ربيع الأول من العام الثامن للهجرة بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية من أربعة وعشرين رجلا بإمرة شجاع بن وهب إلى جمع من هوازن «بالسيّ» من أرض بني عامر ناحية «ركبة» فأغاروا عليهم، فأصابوا نعما كثيرا وشاء وسبيا وعادوا بعد خمس عشرة ليلة، وجاء في أثرهم وفد القوم إلى المدينة وأعلنوا إسلامهم فرد المسلمون السبي «5» .
ولم تذكر المصادر تاريخا معينا لسريّة زيد بن حارثة التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم إلى مدين «6» وقد أصابوا سبيا من أهل ميناء على ساحل البحر الأحمر، ولما عادت السرية وبيع السبي جرى التفريق بين الأمهات والأولاد «7» ، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال:«لا تبيعوهم إلّا جميعا» «8» .
(1) أحمد- المسند (الفتح الرباني 21/ 128) بإسناد ابن إسحاق وقال الساعاتي: «سنده جيد» ، ورواه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 4/ 341- 43، وابن سعد- الطبقات 2/ 124، أبو داود- السنن 3/ 128- 129، حيث أورد قصة أسر الحارث بن مالك الذي اوثقوه وتركوه إلى أن أنجزوا أمر الرسول في الغارة ثم عادوا فاصطحبوه إلى المدينة (حديث 2678) ، وكذلك الواقدي- مغازي 2/ 750- 752.
(2)
عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأمر السرية في بداية تشكيلها إلى الصحابي الزبير بن العوام- رضي الله عنه، غير أنه عاد وعهد بإمرتها إلى غالب بن عبد الله بعد عودته من سرية الكديد (ابن سعد- الطبقات 2/ 126) .
(3)
الواقدي- مغازي 2/ 723- 726، ابن سعد- الطبقات 2/ 126.
(4)
الواقدي- مغازي 2/ 752- 753، ابن سعد- الطبقات 2/ 127- 128، ابن إسحاق مختصرا، ابن هشام 4/ 356- 357 معلّقا، وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم، سرية لمعاقبتهم والانتقام منهم غير أن معلومات بلغته تضمنت أنهم رحلوا عن ديارهم، فتركهم. (نفس المصادر المذكورة آنفا) .
(5)
البخاري- الصحيح (الفتح حديث 3134) ، (حديث 4338) ، مسلم- الصحيح 3/ 1368 (حديث 1749) ، الواقدي 2/ 753- 754 ولم يذكر اشتراك عبد الله بن عمر فيها كما لم يذكر ما أصاب المشاركين في السرية من الغنيمة، وانظر ابن سعد 2/ 127 من رواية الواقدي، ابن كثير- البداية والنهاية 4/ 267.
(6)
حيث أن سرية مؤتة قد أرسلت في جمادى الأولى سنة ثمان الهجرية فمن المتوقع أن يكون تاريخ إرسال سرية زيد هذه في ربيع الآخر من ذلك العام حيث أن زيد بن حارثة استشهد في مؤته كما هو ثابت في المصادر.
(7)
ابن حجر- فتح الباري (شرح الحديث 4338) ، الطبري- تاريخ 3/ 34، الواقدي- مغازي 2/ 777، ابن سعد- الطبقات 20/ 132.
(8)
رواه ابن هشام في السيرة 4/ 375- 6، وعن أحاديث التفريق هذه انظر: ابن حجر- الاصابة 2/ 206، عبد الرزاق الصنعاني- المصنف 8/ 307، الألباني- صحيح سنن الترمذي 2/ 24- 25، أبو داود- السنن 3/ 144- 145 (حديث 2696) ، الدارمي- السنن ص/ 327، البيهقي- السنن 9/ 126.