الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- آيات تتعلق بما يصدر عن المكلف من أعمال وأقوال وتصرفات وهي على نوعين: العبادات، ويقصد بها تنظيم علاقة الإنسان بربه، والمعاملات ويقصد بها تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض سواء كانت علاقات أفراد أو أمم أو جماعات، وهذه تضم أخلاقا تتصل بالأسرة، والقضاء ونظام الحكم، ومعاملات الدولة الإسلامية، ومعاملات غير المسلمين، كما تضم أخلاقا تتصل بالنواحى المادية والاقتصادية «1» .
وغاية الأمر، فإن القرآن يحتوى على النسق القيمى الإسلامي بأبعاده المتعددة، فهذا المصدر الأول للإلزام الخلقي. وهو جامع لكل ما يحتاج إليه البشر من موعظة حسنة لإصلاح أخلاقهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة، والحكم البالغة لإصلاح خبايا النفس وشفاء أمراضها الباطنة وهداية واضحة للصراط المستقيم الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة. وهذا مقتضى قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ «2» .
والقرآن كتاب الله سبحانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال الله تعالى: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ «3» . وقال: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «4» .
(ب) المصدر الثانى: السنة:
وهى «ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير» «5» . فهى بهذا سنة قولية، وسنة فعلية وسنة تقريرية «6» . وهى مكملة للكتاب وشارحة له، وقد أجمع المسلمون على مر العصور على أن «ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، ونقل إلينا بسند صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح بصدقه يكون حجة على المسلمين، ومصدرا تشريعيا يستنبط منه المجتهدون الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين. أي أن الأحكام الواردة في هذه السنن تكون مع الأحكام الواردة في القرآن قانونا واجب الاتباع» «7» .
ومع هذا فالسنة «أصل في الاستنباط قائم بذاته» «8» . وقد أمرنا الله- عز وجل باتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في كثير من آيات القرآن، يقول الحق تبارك وتعالى:
(1) عبد الوهاب خلاف، ص 32- 34.
(2)
يونس: 57.
(3)
الجاثية: 29.
(4)
الأنعام: 38.
(5)
عبد الوهاب خلاف: أصول الفقه ص 36.
(6)
الإمام أبو الحسن على بن محمد بن حبيب البصري الماوردي: الحاوي الكبير، تحقيق محمد مطرحي، ج 1، بيروت، دار الفكر، 1414 هـ/ 1994 م ص 29 من المقدمة للمحقق.
(7)
عبد الوهاب خلاف، مرجع سبق ص 37 (بتصرف) .
(8)
محمد أبو زهرة: أصول الفقه، القاهرة، دار الفكر العربي، (بدون تاريخ) ، ص 84.
- فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً «1» .
- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ «2» .
- وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «3» .
- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ «4» .
وكما يقول محمد عبد الله دراز: «إن كل حديث صحيح لم يرد ما ينسخه، وكان موضوعه جزءا من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث له في نظر المسلمين نفس السلطة الأخلاقية التي للنص القرآني، ولو اشتمل الحديث علاوة على ذلك، تفصيلات وتحديدات أكثر مما اشتمل عليه النص القرآني، فإن هذا الحديث هو الذي يبين النص القرآنى، ويفسره، ويحدده، ويبين نماذج تطبيقه» «5» .
وقد أوجب الله تعالى لأمته أمرين:
أحدهما: البيان، والثانى: البلاغ.
قال تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «6» .
وأوجب للرسول على أمته أمرين:
أحدهما: طاعته في قبول قوله، والثانى: أن يبلغوا عنه ما أخبرهم به «7» .
كما قال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب» «8» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولا تكذبوا فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» «9» .
يقول الماوردي: «ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقدر أن يبلغ جميع الناس للعجز عنه اقتصر على إبلاغ من حضر
(1) النساء: 65.
(2)
النساء: 80.
(3)
النور: 56.
(4)
الأنفال: 24.
(5)
محمد عبد الله دراز: دستور الأخلاق فى القرآن، مرجع سابق، ص 41.
(6)
المائدة: 67، أبو الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، أدب القاضي، تحقيق محيي هلال السرحان، ج 1، بغداد، مطبعة الإرشاد، 1391 هـ/ 1971 م، ص 368.
(7)
المرجع السابق، ص 369.
(8)
حديث صحيح، انظر: صحيح الجامع الصغير وزياداته للألباني، ص 945 حديث رقم 5352، بلفظ «ليبلغ الشاهد الغائب» . «وليبلغ شاهدكم غائبكم» . ورواه كثيرون، انظر: مجمع الزوائد 1/ 139.
(9)
حديث صحيح، أخرجه أبو داود فى كتاب العلم، باب (10) حديث رقم (3660) 3/ 322، والترمذي في كتاب العلم، (2656) 5/ 33، والدارمي (228) 1/ 86، وابن حبان (6256) 14/ 149.