الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحياة الأخرى:
إذا كانت الحياة الدنيا دار ابتلاء وعمل، فإن الآخرة دار جزاء، وفيها تظهر نتيجة هذا الابتلاء ويلقى الإنسان جزاء ذلك العمل، يقول الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة/ 7، 8) ، وإذا كانت الدنيا دار فناء فإن الآخرة هي دار بقاء، وقد وصفها الله عز وجل بقوله: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت/ 64)، يقول صاحب لسان العرب: والحياة اسم يقع على كل شيء حي، وسمّى الله عز وجل الآخرة حيوانا لأنها- كما يقول قتادة- هي الحياة الحقيقة، وقال الأزهري: المعنى أن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّا فيها لا يموت، فمن أدخل الجنة حيى فيها حياة طيبة، ومن أدخل النار فإنه لا يموت فيها ولا يحيى «1» . وقال القرطبي: إن المعنى هو أن الآخرة هي دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا موت فيها «2» .
الحياة الآخرة كما وصفها القرآن:
وردت في القرآن الكريم صفات عديدة للحياة الآخرة منها:
1-
هي الحياة الحقيقية، وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. (العنكبوت/ 64) .
2-
هي دار القرار، إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (غافر/ 39) .
3-
هي خير من الحياة الدنيا للمتقين. وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (الأنعام/ 32) ، قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى (النساء/ 77) .
4-
هي دار العذاب والخسران للكافرين، أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (النمل/ 5) ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* (المائدة/ 33) ، لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (النحل/ 109) .
5-
دار تتفاوت فيها درجات الناس ومنازلهم. وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (الإسراء/ 21) .
6-
دار مسئولية وجزاء. فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (الحجر/ 92، 93) ، وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (الأعراف/ 180) ، أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (الفرقان/ 75) .
علاقة الإنسان بالحياة الآخرة:
وانطلاقا من هذه الصفة الأخيرة فإن علاقة الإنسان بالحياة الآخرة هي علاقة مسئولية عمّا قدمت يداه في الحياة الدنيا، وتعنى المسئولية هنا: أن كل إنسان سوف يسأل عن تفاصيل ما ابتلي فيه في الدنيا، وفي ضوء نجاحه أو فشله لتحمل هذه المسئولية يتقرر جزاؤه ومصيره «3» . فإما إلى جنة عرضها السماوات والأرض وإما إلى جهنم وساءت مصيرا.
(1) لسان العرب 2/ 1077 (ط. دار المعارف) .
(2)
تفسير القرطبي 13/ 362.
(3)
فلسفة التربية الإسلامية بتصرف يسير، ص 195.