الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه توكلت وإليه متاب
كتاب الطهارة
وهي ارتفاع حدث وما في معناه، وزوال خبث، أو ارتفاع حكم ذلك
باب المياه على ثلاثة أقسام:
(الأول) طهور يرفع الحدث ويزيل الخبث الطارئ، وهو أربعة أنواع: نوع غير مكروه وهو الباقي على خلقته
ــ
عليه توكلت) أي فوضت أمري إليه تعالى دون ما سواه (وإليه متاب) أي توبتي، وتاب الله عليه وفقه للتوبة.
مقدمة: لم يؤلف الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الفقه كتابًا، وإنما أخذ أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك.
هذا (كتاب) يذكر فيه أحكام (الطهارة) وما في معناها، والكتاب كالكتابة والكتب مصدر كتب بمعنى الجمع، يقال تكتب القوم إذا اجتمعوا، ومنه الكتابة لاجتماع الحروف، والطهارة لغة النظافة والنزاهة عن الأقذار (وهي) شرعًا (ارتفاع الحدث)، وهو وصف حاصل بالحدث مانع من الصلاة والطواف ومس المصحف، وينقسم إلى أصغر وأكبر، فما أوجب الغسل يسمى أكبر، وما أوجب الوضوء يسمى أصغر، (وما في معناه) أي معنى ارتفاع الحدث كالغسل للميت لأنه تعبدي لا عن حدث، وكذا غسل يدي القائم من نوم الليل بماء طهور مباح، (وزوال خبث) به ولو لم يبح أو مع تراب طهور ونحوه أو بنفسه (أو ارتفاع حكم ذلك) بما يقوم مقامه، والخبث النجاسة الطارئة على محل طاهر.
(باب. والمياه على ثلاثة أقسام) لأن الماء إما أن يجوز الوضوء به أولاً، الأول الطهور، والثاني إما أن يجوز شربه أو لا، الأول الطاهر، والثاني النجس.
(الأول) من أقسام الماء (طهور) أي مطهر لغيره بخلاف غيره من المانعات فإنه لا يطهر (يرفع الحدث) أي الوصف كما تقدم، (ويزيل الخبث الطارئ) على محل طاهر قبل طروئه لأن نجس العين لا يطهر، (وهو) أي الماء الطهور (أربعة أنواع): الأول (نوع) طهور (غير مكروه وهو الباقي على خلقته) التي
ومنه متغير بمكثه أو بمجاورة ميتة أو بما يشق صونه عنه ما لم يوضع قصدًا، ومسخن بشمس أو بطاهر، ونوع مكروه بلا حاجة كمتغير بغير ممازج من عود قمارى وغيره أو بدهن أو ملح مائي، وكمسخن بنجس، ويسير مستعمل في نقل طهارة، وماء بئر بمقبرة، وفي خبث ماء زمزم ونوع لا يرفع حدث رجل خنثى ويزيل الخبث وهو يسير خلت به مكلفة لطهارة كاملة عن حدث.
ــ
خلقه الله تعالى عليها، ولو تصاعد ثم قطر كبخار الحمامات، (ومنه) أي الطهور غير مكروه، (متغير) طول (مكثه أو) بالريح (بـ) نحو (مجاورة ميتة) كمحل القاذورات (أو) أي ومن الطهور متغير (بما) أي بشيء (يشق صونه) أي الماء (عنه) أي عن ذلك الشيء كورق الشجر (ما لم يوضع) الذي يشق صونه عنه (قصدًا) فإنه يسلبه الطهورية. (و) من الطهور غير مكروه (مسخن بشمس أو) مسخن (بطاهر. و) الثاني (نوع مكروه بلا حاجة) إلى استعماله (كمتغير بغير ممازج من عود قمارى) بفتح القاف (وغيره) كقطع كافور (أو) متغير (بدهن أو ملح مائي) فهو طهور مكروه لأن المتغير بالملح المائي منعقد من المائي واقتضى ذلك أن الملح لو انعقد من طاهر فحكمه كباقي الطاهرات، وعلم منه أن الماء إن تغير بالملح المعدني سلبه الطهورية. (وكمسخن بنجس) في أشهر الروايتين عن أحمد، علته كون الوقود نجسًا فيكره، وإن كان الماء كثيرًا أو وهم ملاقاتها له فلا يكره إن كان كثيرً أو قليلاً وتحقق عدم وصولها إليه، ومقتضاه الأول حيث أطلق كراهته وكذا مسخن بمغصوب (و) كـ (يسير مستعمل في نقل طهارة) أو استعمل في غسل كافر؛ لأنه لم يرفع حدثًا ولم يزل نجسًا وشمل الذمية التي تغتسل من الحيض والنفاس لحل وطئها لزوجها المسلم (و) كـ (ماء بئر مقبرة)، وكره أيضًا ما اشتد حره أو برده (و) كره (في خبث) فقط (ماء زمزم) على الصحيح من المذهب نص عليه وقيل ماء زمزم في رفع حدث أيضًا. (و) الثالث (نوع لا يرفع حدث رحل وخنثى) ويرفع حدث الأنثى (ويزيل الخبث) الطارئ (وهو) ماء (يسير خلت به) امرأة (مكلفة لطهارة كاملة عن حدث) لا عن خبث ولا عن طهر مستحب، والمراد بالخلوة أن لا يشاهدها مميز سواء كان حرًا أو عبدًا أو مبعضًا أو رجلاً أو امرأة أو مسلمًا أو كافرًا.
تنبيه: علم مما سبق أنه لا أثر لخلواتها بالتراب، ولا في منعها من استعماله، ولا منع امرأة أخرى ولا صبي من الطهارة به ولا بماء في غير رفع الحدث على الصحيح
ونوع لا يرفع الحدث مطلقًا بل يزيل الخبث الطارئ مع تحريمه، وهو المغصوب، وماء آبار ثمود غير بئر الناقة.
(الثاني) طاهر لا يرفع الحدث ولا يزيل الخبث ويستعمل في غيرهما كماء ورد، وطهور تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه بطاهر أو طبخ أو رفع بقليله حدث أو انفصل عن محل نجس حكم بطهارته غير متغير أو حصل في كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء بنية أو غيرها، لكن يجب أن يستعمل ذا، وما خلت به أولى منه إن عدم غيرهما، ثم يتيمم.
ــ
من المذهب. (و) الرابع (نوع لا يرفع الحدث مطلقًا) أي سواء وجد غيره أولاً، وسواء كان قليلاً أو كثيرًا وهو الماء المغصوب، وحدث الرجل والخنثى والأنثى في ذلك سواء (بل يزيل الخبث الطارئ مع تحريمه وهو) الماء (المغصوب، وماء آبار ثمود غير بئر الناقة).
فائدة: فياس ما يأتي في الصلاة في المغصوب إذا كان عالمًا ذاكرًا لا إن كان جاهلاً وناسيًا، وكذا الحج بمال مغصوب، بخلاف الوضوء والغسل والصوم ونحوه في مكان مغصوب فيصح كالأذان والبيع ونحوه فيه.
(الثاني) من أقسام المياه (طاهر) غير مطهر (لا يرفع الحدث ولا يزل الخبث ويستعمل في غيرهما) أي غير رفع الحدث وزوال الخبث (كماء ورد و) ك (طهور تغير كثير) لا يسير (من لونه أو طعمه أو ريحه) مخالطة شيء (طاهر أو) بـ (طبخ) فيه كماء الباقلاء أو بغيره كما لو سقط فيه زعفران بقصد أو غيره، ولا يسلبه التغير اليسير من صفة واحدة بخلاف ما لو كان التغير من صفتين أو ثلاث (أو رفع بقليله حدث) فإنه يسلبه الطهورية (أو انفصل عن محل نجس حكم بطهارته) وكان (غير متغير أو حصل في كل يد مسلم مكلف قائم من نوم ليل ناقض لوضوء بنية أو غيرها) أو حصل في بعضها بنية ولو بانت مكتوفة أو بحراب ونحوه قبل غسلها ثلاثًا بنية وتسمية وذلك واجب (لكن يجب أن يستعمل ذا) أي الذي حصل في كل يد إلى آخره إن لم يوجد غيره ثم يتيمم، (وما خلت به) المرأة (أولى منه) بالاستعمال لبقاء طهوريته (إن عدم) طهور (غيرهما) أي غير الماء الذي حصل في كل يد إلى آخره والذي خلت به المرأة فيستعمله (ثم يتيمم) وجوبًا، فإن ترك استعمال أحدهما أو التيمم بلا عذر أعاد ما صلى به
(الثالث) نجس يحرم استعماله مطلقًا إلا لضرورة كغصة ونحوها، وهو ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير أو لاقاها في غيره، وهو يسير، أو انفصل عن محل نجس لم يطهر، فإن لم يتغير بها الكثير لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرته المائعة ما لم يكن مما يشقى نزحه كمصانع طريق مكة، وحكم جار كراكد.
ــ
فائدة: إن خلط الماء الطهور بتراب لا يسلب الماء الطهورية، فإن صار طينًا منع من التطهير به، فإن صلى جاز التطهير به.
(الثالث): من أقسام المياه (نجس يحرم استعماله مطلقًا) أي في عبادة وغيرها. سواء وجد غيره أو لا، واستثنى من ذلك بقوله (إلا لضرورة كغصة) لقمة (ونحوها) كعطش معصوم من آدمي أو بهيمة تؤكل أولاً أو طفي حريق متلف وليس عنده طهور ولا طاهر، ويجوز بل التراب به ويطين به ما لا يصلى عليه غير المسجد (وهو) أي الماء النجس (ما تغير بنجاسة في غير محل تطهير) وفي محله طهور إن كان واردًا أو لم يتغير منه فطهور إن كان كثيرًا (أو) كان الماء (لاقاها) أي النجاسة (في غيره) أي غير محل التطهير (وهو يسير) ولو جاريًا (أو انفصل عن محل نجس لم يطهر)، فإن كان طهر فهو طاهر إن انفصل غير متغير (فإن لم يتغير بها) أي النجاسة الماء (الكثير لم ينجس إلا ببول آدمي أو عذرته المائعة) أو الرطبة أو اليابسة ذابت عند أكثر المتقدمين والمتوسطين (ما لم يكن) الماء الكثير الذي تنجس بالبول أو العذرة (مما يشق نزحه كمصانع طريق مكة) التي جعلت موردًا للحاج يصدرون عنها ولا تنفذ فلا تنجس إلا بالتغير، فما تنجس بما ذكر ولم يتغير فتطهيره بإضافة ما يشق نزحه أو بنزح يبقى بعده ما يشق نزحه، وإن لم يشق نزحه فبإضافة ما يشق نزحه مع زوال تغيره، وما تنجس بغير م ذكر ولم يتغير فبإضافة كثير أو بنزح يبقى بعده كثير، وإن لم يكن كثيرًا أو كان كثيرًا مجتمعًا من متنجس يسير فبإضافة كثير مع زوال تغيره، والمنزوح طهور إن لم يكن متغيرًا أو تكن عين النجاسة فيه وكان قلتين. (وحكم) ماء (جار كراكد) فإن بلغ مجموعة قلتين دفع النجاسة ما لم يتغير فلا اعتبار بالحرية على الأصح.
والكثير قلتان، واليسير ما دونهما، وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبًا، ومائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي، وأحد وسبعون رطلاً وثلاثة أسباع رطل بالبعلي، ومساحتهما مربعًا ذراع وربع طولاً وعرضًا وعمقًا ومدؤرًا ذراع طولاً وذراعان ونصف عمقًا، فإن زال تغير نجس كثير بنفسه طهر، أو أضيف إليه ماء طهور كثير وزال التغير، أو نزح منه فبقي بعد كثير غير متغير طهر، وغير الماء من المائعات ينجس بأقل نجاسة مطلقًا، ويعمل بيقين في كثرة ماء وقلته وطهارته ونجاسته، ولو اشتبه طهور مباح بمحرم أو نجس تيمم وجوبًا لا تحر
ــ
فائدة: لا يجب غسل جوانب بئر نزحت. (والكثير قلتان) فصاعدًا (واليسير ما دونهما. وهما) أي القلتان (خمسمائة رطل عراقي تقريبًا) فيعفى عن نقص يسير كرطل أو رطلين. وأربعمائة رطل وستة وأربعون رطلاً وثلاثة أسباع رطل مصري وما وافقه من البلدان، (ومائة رطل وسبعة أرطال وسبع رطل بالدمشقي) وما وافقه، وتسعة وثمانون رطلاً وسبعًا رطل حلبي وما وافقه، وثمانون رطلاً وسبعًا رطل ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه، (وأحد وسبعون رطلاً وثلاثة أسباع رطل بالبعلي) وما وافقه، (ومساحتهما مربعًا ذراع وربع طولا و) ذراع وربع (عرضًا و) ذراع وربع (عمقًا. و) حال كونه مدورًا ذراع طولاً وذراعان ونصف عمقًا)، والمراد ذراع اليد من آدمي معتدل وهو أربع وعشرون إصبعًا معترضة معتدلة، والإصبع ست شعيرات بطون بعضها إلى بعض، والشعيرة ست شعرات برذون ويأتي (فإن زال تغير نجس كثير بنفسه طهر، أو أضيف إليه ماء طهور كثير وزال التغير) طهر (أو نزح منه فبقي بعده)(كثير غير متغير طهر) وتقدم مفصلاً. (وغير الماء من المانعات ينجس بأقل نجاسة مطلقًا) أي سواء تغير بها أو لا أدركها طرف أو لا عفى عنها في الصلاة أو لا. (ويعمل بيقين في كثرة ماء وقلته وطهارته ونجاسته) فإن وقعت فيه نجاسة وشك في كثرته فهو نجس عملاً بالأصل، وإن شك في نجاسة عظم أو في روث فطاهر أو في جفاف نجاسة فيحكم بعدم الجفاف أو في ولوغ كلب أدخل رأسه في إناه وبفيه رطوبة فلا ينجس (ولو اشتبه) ماء (طهور مباح) ماء (محرم أو نجس تيمم وجوبًا بلا تحر) والتحري طلب ما هو أحرى في غالب ظنه أي أحق ولو