الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاشتراكية هي محاولة لا ضرورة لها ولا محل لها، فقد يكون المادي (الملحد) اشتراكياً وقد يكون غير اشتراكي. كما أن الاشتراكي قد يكون مادياً أو غير مادي. ثم إن التصور المادي للوجود والقول بأن المادة هي سبب كل موجود هو من قبيل التصورات الميتافيزيقية، وهو على هذا النحو نوع من عملية الاستبدال بإله حقيقي هو الله إلهاً آخر هو المادة. وقد بدأ كثير من الماركسيين يسلمون بهذه الحقيقة.
ثانياً ـ وأظهر سلطان جالييف أن إلغاء الملكية الخاصة والتأميم الكامل ليس هدفاً في ذاته
، وليس هو السبيل الوحيد للاشتراكية، وإنما المهم هو سيطرة الشعب على أدوات الإنتاج. وقد اعتنق هذا الاتجاه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي سنة 1956.
ثالثاً ـ أبرز سلطان جالييف أنه بعد انتصار الثورة البلشفية، لم يعد هناك محل لفكرة صراع الطبقات أو الكراهية
، كما لم يعد هناك محل لتمييز العمال على الفلاحين، أو إقامة دكتاتورية الطبقة الواحدة. وحل محل كل ذلك فكرة تعاون أفراد المجتمع، وإقامة تحالف قوى الشعب العاملة. وقد أخذت بذلك دول أوربا الشرقية.
رابعاً ـ يرى سلطان جالييف أن المجال الحيوي لثورة أكتوبر البلشفية هو الشرق وليس الغرب
(1).
ثانياً ـ وظيفة المال وحق الملكية الفردية والقيود الواردة عليه في الإسلام:
المال في الحقيقة لله سبحانه وتعالى كما قال: {لله ملك السموات والأرض وما فيهن} [المائدة:120/ 5] والناس جميعاً عباد الله، فهم شركاء في توزيع المال،
(1) من مقال الدكتور محمد شوقي الفنجري في مجلة العربي عدد 180 سنة 1973م.
سواء تمثّل هذا المال في سلعة اقتصادية أو في سلعة حرة، وتملك الإنسان للمال يعتبر تملكاً مجازياً، أي إنه مؤتمن على المال ومستخلف فيه ونائب أو خليفة عن الله فيه لقوله تعالى:{وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} [الحديد:7/ 57]{هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} [هود:61/ 11]{وهو الذي جعلكم خلائف الأرض، ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم} [الأنعام:165/ 6]{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/ 2].
ويترتب على هذا التصور للمال واستخلاف الإنسان فيه، أو وكالته عليه أنه يجب التقيد بأوامر الله تعالى، في التملك حسبما يريد صاحب الملك الحقيقي. والناس على السواء لهم حق في تملك خيرات الأرض، والمال ليس غاية مقصودة لذاتها، وإنما هو وسيلة للانتفاع بالمنافع وتأمين الحاجات، وإذا كانت الخلافة عن الله في المال للجماعة، فإن الملكية الخاصة تعتبر أسلوباً من أساليب قيام الجماعة بمهمتها في الخلافة، وإن لها صفة اجتماعية، لا صفة حق مطلق وسيطرة واستبداد. وللجماعة حق مراقبة ذوي الملكيات الخاصة لاستخدامها في سبيل الصالح العام، فيعتبر صاحب المال حينئذ مسؤولاً أمام الله عن ماله، ومسؤولاً أمام الجماعة أيضاً.
وليس المال مقياساً للاحترام والتعظيم، ولا لاحتكار النفوذ، فمن قواعد فقهنا:«من عظم غنياً لماله وغناه فقد كفر» .
بهذه النظرة الإسلامية إلى المال بأنه وسيلة لا غاية مقصودة لذاتها، ولا للتجميع والتكديس، يدق الإسلام أول معول في هدم الرأسمالية الظالمة.
وأما حق الملكية في الإسلام فهو نزعة فطرية وحق شخصي أقرته الشريعة وصانته الديانات السماوية، لقوله تعالى: {زُيِّن للناس حب الشهوات من النساء
والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة} [آل عمران:14/ 3]{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:29/ 4]{والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} [المعارج:24/ 70 - 25].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم» «كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» (1).
إلا أن هذا الحق الشخصي مقيد بقيود كثيرة ستذكر قريباً، ومن أهمها عدم جواز الإضرار بالغير، مما يدل على أن لحق الملكية الفردية في تقدير الإسلام صفتين مزدوجتين: صفة الفردية وصفة الجماعية العامة في وقت واحد.
أما الصفة الفردية: فلأن الحق ليس في أصله وظيفة، بل هو ميزة تمنح صاحبها الحق في الانتفاع بثمرات ملكه والتصرف فيه، ولكن لا تعتبر هذه الملكية الخاصة هي الأصل العام الذي يسمح للأفراد وحدهم بتملك أموال الثروة في البلاد وبحسب النشاط والظروف، وإن الملكية العامة أمر استثنائي تقتضيه الظروف الاجتماعية، كما هو مقرر في النظام الرأسمالي. وعلى هذا فلا يمكن أن يعتبر المجتمع الإسلامي مجتمعاً رأسمالياً، وإن اعترف بالملكية الخاصة.
وأما صفة الحق الجماعية العامة فتتجلى في تقييد حق الملكية الخاصة بمنع اتخاذها سبيلاً إلى الإضرار بالآخرين، وأنه يمكن أن تقوم ملكيات عامة للجماعة أو الدولة، كالحمى والوقف والأموال العامة بجوار الملكية الخاصة. وعلى هذا فلا يعتبر النظام الإسلامي وإن أخذ بنظام الملكية العامة أو ملكية الدولة لبعض الثروات
(1) الحديث الأول أخرجه البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه، والحديث الثاني أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث الثاني أخرجه الدارقطني عن أنس بن مالك رضي الله عنه.