الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكفالة كما في الأموال، ولأنه إذا كان الحبس جائزاً في الحدود، فالكفالة أولى؛ لأن معنى الوثيقة في الحبس أبلغ منه في الكفالة، فلما جاز الحبس، فالكفالة أحق بالجواز (1)، وأما مدة الثلاثة الأيام فهي وقت قريب، لقوله عز وجل:{ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب} [هود:64/ 11] ثم قال: {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام} [هود:65/ 11].
وإن قال المقذوف: (لا بينة لي) أو (بينتي غائبة، أو خارج المصر) فإن القاضي يخلي سبيل القاذف، ولا يحبس بالاتفاق لعدم التهمة (2).
موقف القاضي من القاذف بعد ثبوت القذف:
إن أقام المقذوف البينة على صحة القذف، أو أقر القاذف كما ذكر، فإن القاضي يقول للقاذف:«أقم البينة على صحة قولك» .
فإن أقام أربعة من الشهود على معاينة الزنا، أو على إقرار المقذوف بالزنا، بين يدي الإمام أربع مرات، سقط الحد عن القاذف، ويقام حد الزنا على المقذوف؛ لأنه ظهر أن القاذف صادق في مقالته (3).
وإن عجز عن إقامة البينة، يقام عليه حد القذف، لقوله تعالى:{والذين يرمون المحصنات، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة} [النور:4/ 24].
فإن طلب التأجيل من القاضي، وقال:(شهودي غيَّب) أو (خارج المصر) لم يؤجله.
(1) المبسوط: 106/ 9، البدائع: 53/ 7، المهذب: 273/ 2.
(2)
المرجعان السابقان.
(3)
البدائع: 53/ 7.
وإن قال: (شهودي في المصر) أجله إلى آخر المجلس، ولازمه المقذوف، ويقال له:«ابعث أحداً إلى شهودك فأحضرهم» ولا يؤخذ منه كفيل بنفسه عند أبي حنيفة؛ لأن في التأجيل إلى آخر المجلس الثاني منعاً من استيفاء الحد بعد ظهوره.
وقال الصاحبان: يؤجل (أي القاذف) يومين أو ثلاثة، ويؤخذ منه كفيل؛ لأنه يحتمل أن يكون صادقاً في إخباره أن له بينة في المصر، وربما لا يمكنه الإحضار في ذلك الوقت، فيحتاج إلى التأخير إلى المجلس الثاني، وأخذ الكفيل لئلا يفوت حقه.
وروي عن محمد رحمه الله أنه قال: إذا ادعى أن له بينة حاضرة في المصر، ولم يجد أحداً يبعثه إلى الشهود، فإن القاضي يبعث معه من الشُّرَط (1) من يحفظه ولا يتركه حتى يفر، فإن عجز، أقيم عليه الحد. فإن ضرب القاذف بعض الحد، ثم حضر الشهود، وشهدوا على صدق مقالته، قبلت بينته، وبطل الحد الباقي، ولا تبطل شهادته، ويقام حد الزنا على المقذوف.
وإن ضرب القاذف الحد بتمامه، ثم شهد الشهود على صدق مقالته، تقبل شهادتهم. ويظهر أثر القبول في استرداد عدالة القاذف وقبول شهادته؛ لأنه تبين أنه لم يكن محدوداً في القذف حقيقة، حيث ظهر أن المقذوف لم يكن محصناً؛ لأن من شرائط الإحصان: العفة عن الزنا، وقد ظهر زناه بشهادة الشهود، فلم يصر القاذف مردود الشهادة (2).
(1) الشرط: هم الطائفة من خيار أعوان الولاة، وفي أيامنا هم رؤساء الضابطة، والواحد: شرطي.
(2)
راجع البدائع: 53/ 7 وما بعدها، تبيين الحقائق للزيلعي: 199/ 3.