الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جديدة على الأغنياء والغلات والثمار وغيرها بقدر مايكفي حاجات البلاد العامة، وأقر ذلك مجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الأول المنعقد سنة 1964م في قراره الخامس (1).
والخلاصة: إن الشريعة الإسلامية قيدت المالك في استعمال سلطاته على ملكيته، وفي حق التملك ذاته بقيود كثيرة، تحقيقاً لمبادئ المصلحة والعدل والمساواة بقدر الإمكان.
سابعاً ـ موقف الإسلام من تعارض مصلحتي الفرد والجماعة:
إن النظام الرأسمالي يقدس حرية الفرد ومصلحته، ويعتبر مصلحة الجماعة هي حصيلة المصالح الفردية، وإن النظام الاشتراكي يلغي دور الفرد ويقدس مصلحة الجماعة ويفضلها على مصلحة الفرد. ويعتبر التضامن الاجتماعي هو الأساس الوحيد لحياة الجماعة. والفرد مسخر لخدمة مصالحها. وأما الإسلام فقد راعى مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، وأقام توازناً فعالاً بين المصلحتين على وجه يحقق التضامن والتكافل الاجتماعي، فلم يسمح في الحالات العادية للفرد أن
(1) واشترط لجواز فرض الضريبة أربعة شروط: الأول: أن تكون هناك حاجة حقيقية بالدولة إلى المال، ولا يوجد مورد آخر لتحقيق الأهداف وإقامة المصالح دون إرهاق الناس بالتكاليف. الثاني: أن توزع أعباء الضرائب بالعدل بحيث لا يرهق فريق من الرعية لحساب فريق آخر، ولا تحابى طائفة وتكلف أخرى. الثالث: أن تصرف الضريبة في المصالح العامة للأمة. الرابع: موافقة أهل الشورى والرأي في الأمة. لأن الأصل في أموال الأفراد الحرمة، والأصل أيضاً براءة الذمة من الأعباء والتكاليف.
هذا .. وهناك رأي آخر يقرر تحريم فرض الضرائب، لأنه لا حق في المال سوى الزكاة، ولأن الإسلام احترم الملكية وحرم الأموال كما حرم الدماء والأعراض. والضرائب مهما قيل في تسويغها فهي مصادرة لجزء من المال يؤخذ كرهاً عن مالكيه، ولأن الأحاديث النبوية قد جاءت بذم المكس ومنع العشور.
يطغى على حساب المجموع، ولا للجماعة أن تسحق مصلحة الفرد لحساب المجتمع، وذلك منعاً من الإخلال بميزان العدالة، ورعاية للحقين معاً بقدر الإمكان، فإذا تعارضت المصلحتان في ظرف استثنائي مثلاً، وتعذر التوفيق بينهما، قدمت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة دفعاً للضرر العام، ولكن مع المحافظة على حق الفرد في التعويض.
وعلى أساس هذه النظرة المتوازنة، نظر الإسلام إلى المال، فاعترف بمصلحة الفرد فيه وبحقه في تملكه، كما أنه اعترف بمصلحة الجماعة وبحقها في التملك، وحينئذ تتجاور في الوجود الإسلامي الملكية الخاصة مع الملكية العامة وملكية الدولة، ويكون للإسلام عندئذ غاية مزدوجة رسم لها الشرع حدوداً معينة واضحة، فهو حين يبيح الملكية الفردية من حيث المبدأ فإنه يضع لها حدوداً وقيوداً تمنع اتخاذها سبيلاً للضرر كما ذكرت، ويسخرها نحو مصلحة المجتمع، وللمجتمع استرداد هذه الملكية أو تعديلها إذا وجد فيما يفعل مصلحة عامة، وذلك كله حماية للمصالح الأساسية التي شرعت من أجلها الحقوق، ودرءاً للتعسف والظلم. وبه يتبين أنه لا خطورة في تشريع الإسلام في اعترافه بالملكية الفردية مادام يملك إلغاءها أو تعديلها.
وبإيجاد هذا النوع من التوازن الاقتصادي بين مصلحتي الفرد والجماعة على أسس من العدل، وحسبما تقتضي المصلحة، استطاع الإسلام حل المشكلة الاقتصادية التي يثيرها الاقتصاديون وهي: كيف يستطيع المجتمع تأمين إشباع الحاجات الكثيرة المتعددة بموارد الطبيعة المحدودة لديه؟
إن إجابة الإسلام عن هذه المشكلة هي أن الطبيعة ليست بخيلة ولا عاجزة عن تلبية حاجات الإنسان، فهي من صنع الله الذي تكفل بالرزق. لجميع مخلوقاته،