الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الجارح، حتى يبرأ المجروح» (1) ولأن الجراحات ينظر إلى مآلها، لاحتمال أن تسري إلى النفس، فيحدث القتل، فلا يعلم أنه جرح إلا بالبرء.
وقال الشافعية (2): إن كان القصاص في الطرف، فالمستحب ألا يستوفى إلا بعد استقرار الجناية بالاندمال (أي البرء) أو بالسراية إلى النفس، فإن استوفي قبل الاندمال جاز، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:«أن رجلاً طعن رجلاً بقرْن في ركبته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقدني، فقال: حتى تبرأ، ثم جاء إليه، فقال: أقدني، فأقاده، ثم جاء إليه، فقال: يا رسول الله، عرجتُ، قال: قد نهيتك، فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عرجك، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه» (3).
تأجيل القصاص لعذر:
اتفق الأئمة على أنه يؤخر القصاص في الطرف أو النفس عن المرأة الحامل حتى تضع حملها وترضع وليدها، ويستغني عنها ولدها بإرضاع من جهة أخرى. وقال المالكية: يؤخّر القصاص فيما دون النفس لعذر كبرد شديد أو حر يخاف منه الموت.
العقوبة البدلية في جراح العمد ـ الأرش:
إذا تعذر تنفيذ القصاص في الجراح، لعدم إمكان تحقيق المماثلة وجب الأرش، والأرش هنا: هو الأقل من الدية.
وقد عرفنا أن جراح البدن: إما جائفة أو غير جائفة:
(1) رواه الدارقطني، وأبو بكر بن أبي شيبة مسنداً ورواه البيهقي وأحمد مرسلاً (نيل الأوطار: 27/ 7).
(2)
المهذب: 185/ 2.
(3)
رواه أحمد والدارقطني.
ففي الجائفة: ثلث الدية لحديث عمرو بن حزم: «وفي الجائفة ثلث الدية» .
وغير الجائفة: فيها حكومة عدل.
حكومة العدل (ضابطها وتقديرها) أشرت لذلك سابقاً، وأوضح الآن مايلي:
أما ضابط حكومة العدل فهو: كل ما لا قصاص فيه من الجنايات على ما دون النفس، وليس له أرش مقدر، ففيه حكومة (1). مثل كسر العظم إلا السن، واليد الشلاء ونحوها.
وأما كيفية تقديرها: فقد أشرت لطريقتين، أولاهما للطحاوي الحنفي وهي المفتى بها عند الحنفية، والمقررة في المذاهب الأخرى (2): وهي أن يقوَّم المشجوج أو المجروح كما لو كان عبداً بدون شج أو جرح، ثم يقوَّم وهما به، فيجب بمقدار التفاوت بين القيمتين، بنسبتهما من الدية في الأحرار، فلو كانت قيمته وهو عبد صحيح عشرة، وقيمته وهو عبد به الجناية تسعة، فيكون فيه عشر ديته.
ولكن يتعذر اللجوء لهذه الطريقة في الوقت الحاضر، لعدم وجود الرق.
والطريقة الثانية ـ هي للكرخي: وهي أن تقرب الجناية إلى أقرب الجنايات التي لها أرش مقدر، ففي الشجاج مثلاً ينظر كم مقدار الشجة من الموضحة، فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية المقرر للموضحة (3).
(1) البدائع: 323/ 7، القوانين الفقهية: ص 354، مغني المحتاج: 77/ 4، المغني: 55/ 8.
(2)
رد المحتار على الدر المختار: 412/ 5، البدائع: 324/ 7، الدردير في الشرح الكبير: 271/ 4، مغني المحتاج: 77/ 4، المغني: 56/ 8 وما بعدها.
(3)
الدر المختار: 412/ 5.