الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحق. والدليل هو أن عمر رضي الله عنه لم يقطع من سرق من بيت المال، فقد كتب عامل لعمر يسأله عمن سرق من مال بيت المال، فقال:«لا تقطعه فما من أحد إلا وله فيه حق» وروى الشعبي أن رجلاً سرق من بيت المال، فبلغ علياً كرم الله وجهه، فقال:«إن له فيه سهماً» ولم يقطعه. وإن سرق ذمي من بيت المال، قطع؛ لأنه لا حق له فيه. وإن سرق فقير من غلة وقف على الفقراء، لم يقطع؛ لأن له فيه حقاً، وإن سرق منها غني، قطع؛ لأنه لا حق له فيها. والخلاصة: لا يقطع فيما له فيه شبهة، لحديث «ادرؤوا الحدود بالشبهات» وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
وقال مالك: يقطع لعموم الكتاب (1) أي عموم الآية القرآنية الدالة على وجوب قطع أي سارق.
8 - ألا يكون السارق مأذوناً له بالدخول في الحرز، أو فيه شبهة الإذن:
إذا سرق إنسان من ذوي الرحم المحرم (2)، أو من زوجه، فلا تقطع يده؛ لأنه يدخل عادة بدون إذن، وجرت العادة بالتبسط بين الزوجين في الأموال، فكان له شبهة الإذن، فيختل معنى توفر الحرز، وهذا شرط متفق عليه في الجملة.
(1) فتح القدير: 235/ 4، المغني: 277/ 8، غاية المنتهى: 341/ 3، المهذب: 281/ 2، المبسوط: 188/ 9، حاشية ابن عابدين على الدر المختار: 220/ 3، مغني المحتاج: 163/ 4. ويلاحظ أن للشافعية تفصيلاً رجحه النووي في السرقة من بيت المال، فقال: ومن سرق مال بيت المال: إن فرز لطائفة كذوي القربى والمساكين، ليس هو منهم، قطع إذ لا شبهة له في ذلك، وإن لم يفرز لطائفة فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال المصالح العامة وكصدقة وهو فقير مثلاً، فلا يقطع، وإن لم يكن له فيه حق، قطع لانتفاء الشبهة.
(2)
ذو الرحم المحرم من الشخص: هو الذي لو كان أحدهما رجلاً، والآخر امرأة، لم يجز له أن يتزوجها من أجل الرحم التي بينهما.
وكذلك لا قطع على خادم قوم سرق متاعهم، ولا على ضيف سرق متاع مضيفه، ولا على أجير سرق من موضع أذن له في دخوله؛ لأن الإذن في الدخول أخرج الموضع من أن يكون حرزاً في حقه (1). وهذا متفق عليه في المذاهب الأربعة، إلا أن الإمام مالك اشترط في الخادم حتى يدرأ عنه الحد أن يلي الخدمة بنفسه.
ووافق الإمام أحمد أبا حنيفة في رواية عنه في ألا قطع بالسرقة من أحد الزوجين.
وقال الشافعي في الأظهر: يجب القطع في السرقة من الأقارب وأحد الزوجين من الآخر، ما عدا قرابة الأصل والفرع، إذا سرق المال المحرز عنه، لعموم آية السرقة والأخبار الواردة فيها، وإلحاقاً للقرابة القريبة، كالأخت والعمة بالقرابة البعيدة، ولأن النكاح عقد على منفعة، فلا يؤثر في درء الحد، كالإجارة لا يسقط بها الحد عن الأجير أو المستأجر إذا سرق أحدهما من الآخر المال المحرز عنه (2). ووافق الإمام مالك الشافعي في القطع بالسرقة بين الزوجين، والمعقول هو الرأي الأول، لوجود التسامح في أخذ المال عادة بين الأقارب.
(1) البدائع: 70/ 7، 75، المبسوط: 151/ 9، تبيين الحقائق للزيلعي: 220/ 3، 222، الدر المختار: 221/ 3، المهذب: 280/ 2، القوانين الفقهية: ص 359.
(2)
مغني المحتاج: 162/ 4. ويلاحظ أن الشافعية نبهوا على أن وجوب قطع يد الزوجة بالسرقة من مال زوجها: هو فيما إذا لم تستحق على الزوج شيئاً حين السرقة، أما إذا كانت تستحق النفقة والسكنى في تلك الحالة، فالمتجه أنه لا قطع إذا أخذت بقصد الاستيفاء كما في حق رب الدين الحال إذا سرق نصاباً من المديون، وربما كان الإمام الشافعي في الأم (139/ 6) أميل لعدم القطع مطلقاً بسبب الشبهة. وقال الإمام مالك (الموطأ: 52/ 3): إذا سرق أحد الزوجين من حرز يختص به الآخر كأن كان في بيت لا يسكنان معاً فيه، أو سرق شيئاً أحرزه عنه، يقطع. وعن الإمام أحمد روايتان في ذلك (المغني: 276/ 8): إحداهما ـ لا قطع عليه كمذهب أبي حنيفة، والثانية ـ يقطع كمذهب مالك.