الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادساً ـ وقت أداء الدية:
تجب دية العمد وشبه العمد والخطأ عند الحنفية (1) مؤجلة في ثلاث سنين، عملاً بفعل عمر رضي الله عنه، ويكفي العامد تغليظ الدية عليه، وإيجابها في ماله.
وقال جمهور الفقهاء (2): دية العمد تجب معجلة (حالَّة) في ماله، غير مؤجلة؛ لأن الدية فيه بدل عن القصاص، وبما أن القصاص حالّ الأداء، فبدله وهو الدية حال مثله، ولأن في التأجيل تخفيفاً على القاتل، والعامد يستحق التغليظ لا التخفيف، بدليل وجوب الدية في ماله لا على العاقلة.
وأما دية الخطأ فتجب عند الجمهور كالحنفية مؤجلة في مدى ثلاث سنوات، تخفيفاً عن العاقلة، بدليل ما روي عن عمر وعلي أنهما قضيا بالدية على العاقلة في ثلاث سنين، ولا مخالف لهما في عصرنا، فكان إجماعاً (3).
وكذلك دية شبه العمد عند الجمهور تجب مؤجلة لثلاث سنين، في كل سنة ثلثها.
سابعاً ـ الملزم بأداء الدية:
اتفق الفقهاء على أن دية القتل العمد تجب على القاتل في ماله وحده،
(1) البدائع: 256/ 7 وما بعدها.
(2)
بداية المجتهد: 402/ 2، القوانين الفقهية: ص 347، الشرح الكبير: 281/ 4، 285، مغني المحتاج: 55/ 4، المهذب: 196/ 2، 212، المغني: 764/ 7 - 766، كشاف القناع: 17/ 6.
(3)
المغني: 766/ 7.
ولاتحملها العاقلة؛ لأن الأصل في كل إنسان أن يسأل عن أعماله الشخصية المدنية كالإتلافات، والجنائية كالجرائم، ولا يسأل عنها غيره لقوله تعالى:{كل امرئ بما كسب رهين} [الطور:21/ 52]{ولا تزو وازرة وزر أخرى} [الأنعام:164/ 6]{قل: لا تسألون عما أجرمنا، ولا نسأل عما تعملون} [سبأ:25/ 34].
ويؤيده ما جاء في السنة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجني جانٍ إلا على نفسه» (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه حين رأى معه ولده:«ابنك هذا؟» قال: نعم، قال:«أما إنه لا يجني عليك، ولا تجني عليه» (2).
وثبت في السنة بنحو خاص: «لا تعقل العاقلة عمداً، ولا عبداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً» (3).
ويرى الفقهاء ما عدا المالكية (4) أن دية شبه العمد، والخطأ على العاقلة، كما سيأتي في عقوبة كل منهما.
وأما دية القتل العمد الصادر من الصبي أو المجنون، فقال الحنفية والمالكية والحنابلة (الجمهور) (5): إنها على عاقلته، وعبارتهم فيها: عمد الصبي وخطؤه
(1) رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه من حديث عمرو بن الأحوص في حجة الوداع.
(2)
رواه أبو داود والنسائي وأحمد عن أبي رمثة (جامع الأصول: 9/ 11، نيل الأوطار: 83/ 7).
(3)
رواه البيهقي عن الشعبي، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (نصب الراية: 379/ 4).
(4)
راجع بحث الملزم بأداء الدية في البدائع: 256/ 7، الدر المختار: 400/ 5، القوانين الفقهية: ص347، الشرح الكبير للدردير: 282/ 4، مغني المحتاج: 55/ 4، المغني: 764/ 7 - 770، كشاف القناع: 3/ 6.
(5)
تبيين الحقائق: 139/ 6، الأشباه والنظائر لابن نجيم: 77/ 1، الدر المختار: 378/ 5، 415، بداية المجتهد: 404/ 2 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 345، الشرح الكبير للدردير مع الدسوقي: 486/ 4، المغني: 776/ 7، جامع أحكام الصغار لابن قاضي سماوه: 18/ 2، بهامش جامع الفصولين.