الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسبياً للعمل بالإسلام، وساد الاحترام لمبادئه وأحكامه، سهل حينئذ البدء بتطبيق أحكام الإسلام وشرعه المتكامل الشامل، ووضع خطة شاملة لتنفيذ جميع أحكامه فور العمل بشريعة الله عز وجل، ودون تدرج.
أما أن تصدر قوانين الحدود شكلاً واسماً، ويعلّق أو يجمد تطبيقها فعلاً أو أن نقتصر من تطبيق الإسلام على الحدود الشرعية، وترك الناس في متاهة أو جهالة أو مجاعة أو غليان داخلي بسبب الحاجة والفقر، فذلك ليس من شرع الله ودينه الذي يراد له الهيمنة على كل شؤون الحياة، وربما كان الاقتصار على تطبيق الحدود الشرعية فقط وسيلة لتنفير الناس من الإسلام، وإظهار فشله وعدم صلاحيته أو العمل على تجزئة أحكامه، قال الله تعالى:{أفتؤمنون ببعض الكتاب، وتكفرون ببعض، فما جزاء ُمن يفعل ُذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا ويومَ القيامة يُرَدُّون إلى أشدِّ العذاب، وما الله ُ بغافلٍ عما تعملون} [البقرة:85/ 2].
ثامناً - العقوبات الشرعية وحقوق الإنسان في الإسلام:
ترى بعض الجهات العلمية والاجتماعية في أوساط الغرب أن الحدود الشرعية تتنافى مع حقوق الإنسان في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية. وتطالب منظمة العفو الدولية بإلغاء عقوبة الإعدام من قوانين العقوبات في الدول المعاصرة، وقد استجابت بعض الدول الغربية لهذا الاتجاه، كفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبعض الولايات المتحدة الأمريكية التي ألغت هذه العقوبة، وبعضها أو أكثرها لم تلغها.
ويردد بعض رجال القانون الوضعي في البلاد العربية مثل هذه الأفكار واصفين العقوبات الشرعية أو الشريعة الإسلامية بأوصاف غير لائقة، ربما أدت بهم إلى الكفر. وتروّج بعض أجهزة الإعلام من صحف وإذاعات، في طليعتها
إذاعة لندن بالقسم العربي، الإشاعات المغرضة من جراء تطبيق أحكام الشريعة، ويكثر الحديث في بلاد الغرب عما سمي بحركة الأصوليين الإسلاميين، ويتهمون كل من يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية بأنهم متزمتون متشددون متعصبون، مع أنهم هم المتعصبون ضد الإسلام وأهله، أو هم الجاهلون السطحيون الذين لم يعرفوا حقيقة الإسلام، ولديهم استعداد لفهم الإسلام خطأ بسبب الدعايات المغرضة والأفكار الشائعة المشوهة.
ويعلن في أديس أبابا عاصمة الحبشة اتفاق يوم الثلاثاء الواقع في (1988/ 11/16) بين رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني السيد محمد عثمان الميرغني والعقيد جون قرنق زعيم حركة التمرد لتحقيق السلام في جنوب السودان، مقابل تجميد تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان (1).
ومصدر جميع هذه الاتجاهات المشبوهة شيء واحد هو التعصب ضد الإسلام ومقاومة الاتجاه الإسلامي، ودوافع ذلك وبواعثه معروفة يقصد بها تشويه أحكام الشريعة بسبب الجهل البيِّن بالحكم الشرعي ومسوغاته وحقيقته، أو عدم الربط بين الوسائل والغايات التشريعية، أو تجزئة أحكام الشريعة والنظر إلى جانب واحد منها دون إلمام باتجاهها العام ومراعاة بقية أحكامها. فمن نظر إلى حكم إسلامي ما من زاوية الوسيلة وحدها دون ربطه بالهدف التشريعي العام، بدا له وجه من النقد في تقديره الشخصي من خلال البيئة التي يعيش فيها، والغريبة عن
(1) اتفق الجانبان على تجميد مواد الحدود وكافة المواد ذات الصلة المضمنة في قوانين سبتمبر 198 3، وألا تصدر أية قوانين تحتوي عى مثل تلك المواد، وذلك إلى حين انعقاد المؤتمر القومي الدستوري والفصل نهائياً في مسألة القوانين (جريدة الاتحاد في الإمارات 8 ربيع الثاني 1409 هـ الموافق 17 نوفمبر 1988) ثم أعلنت إذاعة لندن في مساء الثلاثاء 11 جمادى الأولى 1409 الموافق 20 ديسمبر 1988، وتبعتها جريدة الاتحاد السابقة في اليوم التالي أن الجمعية التأسيسية لم توافق في يوم الثلاثاء المذكور على هذا الاتفاق.