الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصاب شيئاً من ذلك، فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك، فستره الله عليه، فأمره إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه».
وما أكثر الآيات القرآنية المعبرة عن مبدأ الإنصاف المطلق المذكور، وعن عدالة الله الشاملة في عباده الذين امتثلوا، أوخالفوا وقصروا، أو كانوا رسل خير وهداية وإصلاح أو دعاة شر وضلال وفساد، ليكون ذلك مبعث الاستقامة، وتهديداً وترهيباً للجناة والمجرمين، قال الله تعالى:{ولتكن منكم أمةٌ يَدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، ويَنْهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون. ولاتكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا، من بعد ما جاءهم البيِّنات، وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبْيَضُّ وجوه، وتسوّد وجوه، فأما الذين اسوّدت وجوههم، أكفرتم بعد إيمانكم، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم، ففي رحمة الله هم فيها خالدون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق، وما الله يريد ظلماً للعالمين} [آل عمران:104/ 3 - 108].
وأما
العقوبات الدنيوية في الإسلام
، فهي نوعان:
1 ـ الحدود:
وهي العقوبات المقدرة من الشارع نوعاً ومقداراً بالنصوص الصريحة (1)، وهي محدودة جداً، وعددها خمسة أنواع في رأي الحنفية: حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، ويشمل حد الحرابة أو قطع اليد، وحد شرب الخمر، وحد المسكر، وقد قصروها على ما شرع حقاً لله تعالى، أي مراعاة للصالح أو النفع العام، ولم يجعلوا القصاص من الحدود، لأن المقصود به والغالب فيه مراعاة حق العبد أو الإنسان.
(1) المبسوط للسرخسي: 36/ 9، فتح القدير: 112/ 4، البدائع: 33/ 7، تبيين الحقائق للزيلعي: 163/ 3، رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار: 154/ 3، اللباب شرح الكتاب: 72/ 2.
والحدود عند جمهور العلماء (1) غير الحنفية سبعة: هي حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، وحد الحرابة، وحد المسكرات الشامل للخمر وجميع الأنبذة المسكرة، وحد القصاص، وحد الردة، باعتبار أن الحد عقوبة مقدرة حدّها الله تعالى وقدرها، فلا يجوز لأحد أن يتجاوزها، سواء أكان المقصود منها مراعاة حقوق الله تعالى، أي الحق العام أو مصلحة المجتمع، أم مراعاة حقوق الناس الخاصة، ومنها القصاص. وسميت هذه العقوبات حدوداً، لأنها تمنع من الوقوع في الجرم أو الذنب.
ويقصد بالحدود كلها مراعاة حق المجتمع في أصل العقاب للتأديب والانزجار عما يتضرر به الناس، وتحقيقاً لمصلحة الأمن والاستقرار، والحفاظ على حرمات الحياة وصيانة الأعراض والنفوس والعقول والأموال عن التعرض لها (2)، ويراعى فيها أيضاً حق الشرع في نوع العقوبة المقدرة المنصوص عليها إما في القرآن الكريم: وهي حدود الزنا والقذف والسرقة والحرابة والقصاص، وإما في السنة النبوية وهي حد المسكرات والرجم.
والقصد من النص على هذه الحدود بالذات تقدير الشرع مالجرائمها من خطورة بالغة، تمس أصول القيم الإنسانية، وهي الحفاظ على حق الحياة (النفس) والفكر الإنساني (العقل) والعرض (حد الزنا والقذف) والمال (السرقة والحرابة) والدين أو العقيدة الذي هو أسمى شيء في الوجود.
وتطبيق هذه الحدود الشرعية بضوابطها وشرائطها المقررة شرعاً، وهي كثيرة
(1) مواهب الجليل للحطاب: 277/ 6، التاج والإكليل للمواق: 277/ 6 الطبعة الأولى، مغني المحتاج: 155/ 4، حاشية البجيرمي علي الخطيب: 140/ 4، ط بيروت كشاف القناع: 77/ 6، ط بيروت.
(2)
المراجع السابقة.