الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - أن يكون المال المسروق معصوماً، ليس للسارق فيه حق الأخذ ولا تأويل الأخذ، ولا شبهة التناول (انتفاء شبهة الأخذ):
السبب في اشتراط هذا الشرط: أن القطع عقوبة محضة، فيستدعي جناية محضة، وأخذ ما لَه حق أخذه لا يكون جناية أصلاً، فلا يستدعي عقوبة. وكذلك أخذ ما لأخذه فيه تأويل التناول أو شبهة التناول، لا يكون جناية محضة، فلا تناسبه العقوبة المحضة (1).
ويتفرع على هذا الشرط أنه لا يقام حد القطع فيما يلي:
أـ سائر الأموال المباحة التي لا مالك لها.
ب ـ مال الحربي المستأمن في دار الإسلام، فإنه لا يقطع استحساناً؛ لأنه مال فيه شبهة الإباحة، والقياس أن يقطع؛ لأن هذا المال أصبح معصوماً بسبب الأمان الذي منحه الحربي، ولهذا كان مضموناً بالإتلاف كمال الذمي.
جـ ـ مال المسلم أو الذمي إذا سرقه الحربي المستأمن لاعتقاده إباحته.
د ـ مال الباغي إذا سرقه العادل؛ لأنه ليس بمعصوم في حقه. وكذا مال العادل إذا سرقه الباغي، لأنه أخذه متأولاً.
هـ ـ المال المسروق من الغريم، أي المدين، على التفصيل الآتي:
(1) العقوبات الشرعية وأسبابها للأستاد علي قراعة: ص 146 وما بعدها، البدائع: 70/ 7 - 72، فتح القدير: 229/ 4 وما بعدها، المبسوط: 152/ 9، 178، غاية المنتهى: 341/ 3.
إن كان المسروق من جنس حقه، كأن كان له عشرة دراهم، فسرق عشرة دراهم، وكان الدين حالّ الأداء، لم يقطع السارق؛ لأن الأخذ مباح له، لأنه ظفر بجنس حقه، فله أخذه كما هو مقرر، حتى ولو أخذ أكثر من مقدار حقه، لا يقطع؛ لأن بعض المأخوذ حقه على الشيوع، ولا قطع في سرقة حق شائع كما في المال المشترك. فإن كان الدين مؤجلاً لا يقطع استحساناً، ويقطع قياساً.
وجه القياس: أن الدين إذا كان مؤجلاً لم يكن لآخذه حق الأخذ قبل حلول الأجل، فصار كما لو سرقه أجنبي، فيقطع فيه.
ووجه الاستحسان: أن حق الأخذ، وإن لم يثبت قبل حلول الأجل، إلا أن سبب ثبوت حق الأخذ: وهو الدين، قائم، وأما الأجل فتأثيره في تأخير المطالبة، لا في سقوط الدين، فقيام السسبب المذكور يورث شبهة، والشبهة تمنع إقامة الحد.
فإن كان المسروق خلاف جنس حقه، كأن يكون له عشرة دراهم، فسرق ديناراً أو عُروضاً، فيقام عليه حد القطع، كما ذكر الكرخي؛ لأنه أخذ مالاً ليس له حق أخذه. وذكر في كتاب السرقة أنه لا يقطع، وهو قول أبي يوسف والشافعي (1).
قال ابن عابدين: إن عدم جواز أخذ الدائن شيئاً للمدين من خلاف جنسه حقه، كان في زمانهم ـ أي زمان متقدمي الحنفية ـ لمطاوعتهم في الحقوق، والفتوى اليوم على جواز الأخذ عند القدرة من أي مال كان، لا سيما في ديارنا لمداومتهم للعقوق (2).
(1) فتح القدير: 236/ 4، مغني المحتاج: 162/ 4، المهذب: 282/ 2.
(2)
رد المحتار: 220/ 3.