الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيء يباع له في الدين، رهناً كان أو غيره، فعلنا ذك ولا نحبسه؛ لأن في حبسه استمرار ظلمه، ودوام المنكر في الظلم.
التعزير بالقتل سياسة:
أجاز الحنفية والمالكية (1): أن تكون عقوبة التعزير كما في حال التكرار (العود) أو اعتياد الإجرام، أو المواقعة في الدبر (اللواطة)، أو القتل بالمثقل عند الحنفية: هي القتل، ويسمونه القتل سياسة، أي إذا رأى الحاكم المصلحة فيه، وكان جنس الجريمة يوجب القتل.
وقد أفتى أكثر فقهاء الحنفية بناء عليه بقتل من أكثر من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة، وإن أسلم بعد أخذه، وقالوا: يقتل سياسة. وأجمع العلماء كما قال القاضي عياض في الشفا على وجوب قتل المسلم إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى:{إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً} [الأحزاب:57/ 33].
وقالوا أيضاً: إن للإمام قتل السارق سياسة إذا تكررت منه جريمة السرقة، وله قتل من تكرر منه الخنق في ضمن المصر، لسعيه بالفساد في الأرض، ومثله كل من لا يدفع شره إلا بالقتل يقتل سياسة. وذكلك يقتل الساحر عند أكثر العلماء، والزنديق الداعي إلى زندقته، إذا قبض عليه، ولو تاب. وقد روى الترمذي عن جندب موقوفاً ومرفوعاً:«أن حد الساحر ضربه بالسيف» .
وأجاز المالكية والحنابلة وغيرهم (2) قتل الجاسوس المسلم، إذا تجسس للعدو
(1) رد المحتار لابن عابدين: 196/ 3، الشرح الكبير للدردير: 355/ 4.
(2)
السياسة الشرعية لابن تيمية: ص 114، الحسبة لابن تيمية: ص 48، غاية المنتهى: 334/ 3، المهذب: 242/ 2.
على المسلمين. ولم يجز أبو حنيفة والشافعي هذا القتل. وجوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة.
واتفق الفقهاء على أنه يقتل الجاسوس الحربي الكافر، وأما المعاهد والذمي فقال مالك والأوزاعي: ينتقض عهده بذلك، وعند الشافعية خلاف، وقد ورد في السنة ما يدل على جواز قتل الجاسوس إذا كان مستأمناً أو ذمياً، قال سلمة بن الأكوع: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم
عَيْن، وهو في سفر، فجلس عند بعض أصحابه يتحدث، ثم انسل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اطلبوه فاقتلواه، فسبقتهم إليه، فقتلته، فنفلني سلبه» (1).
ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قُتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين، قال تعالى:{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً} [المائدة:32/ 5] وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» ، وروى مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه:«من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» . وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل تعمد عليه الكذب، وسأله ديلم الحميري ـ فيما يرويه أحمد في المسند ـ عمن لم ينته عن شرب الخمر في المرة الرابعة، فقال:«فإن لم يتركوه فاقتلوهم» .
والخلاصة: أنه يجوز القتل سياسة لمعتادي الإجرام ومدمني الخمر ودعاة الفساد ومجرمي أمن الدولة، ونحوهم.
(1) رواه أحمد والبخاري وأبو داود عن سلمة (نيل الأوطار: 7/ 7).