الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعتبر قيمة العين وقت الإخراج من الحرز، ولا يعتبر نقصان السعر بعد أخذ المسروق، قياساً على نقصان العين (1)، وهذا في تقديري أولى، لاكتمال الجريمة وقت السرقة.
ويجري هذا الخلاف فيما لو سرق الشخص في بلد، وقبض عليه في بلد آخر: لا يقطع في ظاهر الرواية، ما لم تكن قيمة المسروق في البلدين عشرة دراهم.
كون النصاب من حرز واحد:
النصاب الموجب لحد القطع يجب أن يكون مأخوذاً من حرز واحد، سواء أكان المسروق لواحد أم لجماعة؛ لأنها سرقة واحدة. وبناء على هذا، لو سرق خمسة دراهم من دار لرجل، وخمسة من دار أخرى، لا يجب القطع؛ لأنهما سرقتان مختلفتان من حرزين مختلفين، فلا محل للقطع فيهما. وكذلك لو سرق عشرة دراهم على مرتين، لا يقطع؛ لأن المسروق في كل مرة أقل من نصاب (2).
اشتراك جماعة في السرقة:
اتفق العلماء على أنه إذا اشترك جماعة في سرقة، فحصل لكل واحد منهم نصاب، فعلى كل واحد منهم القطع.
أما إذا كان المسروق كله نصاباً، واشترك جماعة في سرقته:
فقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقطع كل واحد منهم (3)؛ لأن كل واحد منهم
(1) البدائع: 79/ 7، المنتقى على الموطأ: 158/ 7.
(2)
البدائع، المرجع السابق: ص 78، حاشية ابن عابدين: 212/ 3.
(3)
البدائع، المرجع السابق: ص 78، فتح القدير: 225/ 4، مغني المحتاج: 160/ 4، المهذب: 277/ 2.
لم يسرق نصاباً، فلم تستوجب جنايته عقوبة كاملة، كما لو انفرد بسرقة مادون النصاب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً» وهذا دليل الشافعي. ولكن هذا الحكم يخالف حكم جريمة الاشتراك في القتل؛ لأنه لو لم يجب القصاص على كل واحد منهم، لكان الاشتراك طريقاً إلى إسقاط القصاص، بخلاف الأمر في السرقة، فإنه إذا لم يجب القطع على الشركاء في سرقة نصاب، لم يصر الاشتراك طريقاً إلى إسقاط القطع، لقلة ما يصيب كل واحد منهم، فإذا سرقوا أكثر من نصاب بحيث يصيب كل واحد منهم مقدار نصاب، فإنه يجب القطع. ويقدر المسروق في الحكم عند الحنفية يوم الحكم بالقطع.
وقال المالكية: إن اشترك السارقان أو أكثر في سرقة نصاب: فإن كان لكل واحد قدرة على حمله بانفراده، فلا يقطع أحد، وإلا بأن كانوا يحتاجون في إخراجه إلى تعاون بعضهم، فيقطعون جميعاً، ويصيرون كأنهم حملوه على دابة، فإنهم يقطعون إذا تعاونوا على رفعه عليها، ويقدر المسروق عندهم وعند الشافعية والحنابلة بقيمته يوم السرقة (1).
وقال الحنابلة: إذا اشترك الجماعة في سرقة، قيمتها ثلاثة دراهم قطعوا، لضرورة حفظ المال، فإن الواحد والجماعة يستوون في هتك الحرز، وسرقة النصاب فعل يوجب القطع، فاستوى فيه الواحد والجماعة كالقصاص.
قال ابن قدامة في المغني: وقول أبي حنيفة والشافعي أحب إلي؛ لأن القطع ههنا لا نص فيه، ولا هو في معنى المنصوص والمجمع عليه فلا يجب، والاحتياط بإسقاطه أولى من الاحتياط بإيجابه؛ لأنه مما يدرأ بالشبهات (2).
(1) حاشية الدسوقي: 335/ 3، بداية المجتهد: 439/ 2، المنتقى على الموطأ: 178/ 7، القوانين الفقهية: ص 359.
(2)
المغني: 282/ 8، غاية المنتهى: 337/ 3 وما بعدها.