الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقول الشعبي السابق ذكره، ولأنه لا يتناصر بالعبد، ولأن الإقرار مقصور على نفس المقر، فلا يتعدى إلى العاقلة، إلا أن يصدقوه في إقراره، ولأن ما لزم بالصلح عن دم العمد، يجب في القصاص، فإذا صالح عنه الجاني كان بدله في ماله.
كما لا تتحمل العاقلة أقل من نصف عشر الدية، وتتحمل نصف العشر فصاعداً كما تبين، وما نقص عن هذا المقدار، فهو في مال الجاني.
2 - ومذهب المالكية:
أن العاقلة هم أهل الديوان (وهو الدفتر الذي يضبط فيه أسماء الجند وعددهم وعطاءاتهم وقدمهم) فإن لم يكن ديوان فالعصبة (ويبدأ بالإخوة، ثم بالأعمام، ثم من بعدهم من الأقارب) ثم بيت المال إن كان الجاني مسلماً؛ لأن بيت المال لا يعقل عن كافر، فإن لم يكن بيت مال، فتقسط الدية على الجاني (1).
3 - وقال الشافعية والحنابلة
(2): العاقلة: هم قرابة القاتل من قبل الأب، وهم العصبة النسبية كالإخوة لغير أم والأعمام، دون أهل الديوان، بدليل ما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في المرأة بديتها على عصبة القاتل (3).
ويدخل عند المالكية والحنابلة في أرجح الروايتين عن أحمد: الآباء والأبناء خلافاً لما قال الحنفية؛ لأنهم أحق العصبات بميراث الجاني، فكانوا أولى بتحمل عقله، أي ديته.
(1) الشرح الكبير مع الدسوقي: 282/ 4، الشرح الصغير: 397/ 4 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 347، بداية المجتهد: 405/ 2.
(2)
مغني المحتاج: 95/ 4 وما بعدها، المهذب: 212/ 2، المغني: 783/ 7 - 791، كشاف القناع: 58/ 6 وما بعدها.
(3)
رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي (نيل الأوطار: 69/ 7).
واستثنى الشافعية كالحنفية الأصل من أب وإن علا، والفرع من ابن وإن سفل؛ لأنهم أبعاض الجاني، فكما لا يتحمل الجاني الدية لا يتحمل أبعاضه وهم الآباء والأبناء.
وروى النسائي: «لا يؤخذ الرجل بجريرة (أي جريمة) ابنه» وفي رواية لأبي داود في خبر المرأتين اللتين اقتتلتا، من هذيل، السابق (1):«وبرأ الولد» أي من العقل، وقيس به غيره من الأبعاض. وفيها أيضاً «وبرأ زوجها». ويقدم الأقرب فالأقرب من العصبة: البنوة، ثم الأبوة عند من يدخلهم في العاقلة، ثم الأخوة، ثم العمومة. وأعمام الأب ثم بنوهم مقدمون على أعمام الجد ثم بنوهم.
ومن لم تكن له عاقلة أديت ديته من بيت المال، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه» (2). فإن فقد بيت المال فالواجب عند المالكية والشافعية على الجاني، والجاني أحد العاقلة؛ لأن الدية عندهم تلزمه ابتداء، تتحملها العاقلة. وليس عند الحنابلة على القاتل في هذه الحالة شيء، كما أنه ليس واحداً من العاقلة؛ لأن الدية عندهم لزمت العاقلة ابتداء.
وتوزع الدية على أفراد العاقلة قريبهم وبعيدهم، حاضرهم وغائبهم، صحيحهم ومريضهم، ولو هرماً وزمِناً وأعمى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في امرأة بني لَحْيان التي توفيت بسبب الاعتداء عليها وعلى جنينها بأن العقل على عصبتها (3)، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة أخرى قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها (4).
(1) رواه أبو داود عن جابر، ونصه «إن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى، ولكل واحدة منهما زوج وولد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتول على عاقلة القاتلة، وبرأ زوجها وولدها» (نيل الأوطار: 81/ 7).
(2)
أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان.
(3)
متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(4)
رواه أحمد وأصحاب السنن إلا الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.