الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: يعزر في عرفنا، وهذا هو المناسب لعصرنا، إذا كان مثله يتأذى بذلك، ويعزره القاضي بناء على طلب المشتوم، ويؤيد هذا الاتجاه (1) أن الشافعية قالوا: من الألفاظ الموجبة للتعزير قوله لغيره: يا فاسق، يا كافر، يا فاجر، يا شقي، يا كلب، يا حمار، يا تيس، يا رافضي، يا خبيث، يا كذاب، يا خائن، يا قواد، يا ديوث (2).
ويقوم بالتعزير ولي الأمر أو نائبه. ويكون التعزير إما بالضرب، أو بالحبس أو بالتوبيخ، ونحوها بحسب ما يراه ولي الأمر رادعاً للشخص، بحسب اختلاف حالات الناس.
متى يشرع الحبس
؟ قال جماعة من الفقهاء بمشروعية الحبس، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة، ثم خلى عنه (3)، وهذا هو الحبس الاحتياطي. وقال عليه السلام:«لي الواجد يُحلَّ عِرْضه وعقوبته» (4). وثبت أن عمر بن الخطاب كان له سجن، وتبعه في ذلك عثمان، وعلي رضي الله عنهم. واستدل الحنفية على مشروعية الحبس بقوله تعالى:{أو ينفوا من الأرض} [المائدة:5/ 33] قالوا: والمقصود من النفي هو الحبس (5).
(1) البحر الرائق: 240/ 8.
(2)
تكملة المجموع: 361/ 18.
(3)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن بهز بن حكيم. والتهمة: الظن بما نسب إلى إنسان (نيل الأوطار: 150/ 7).
(4)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن الشريد. واللي: المطل، والواجد: الغني، يحل: يجوز وصفه بكونه ظالماً، وعرضه: شكايته، وعقوبته: حبس. وقد استدل بالحديث على جواز حبس من عليه الدين حتى يقضيه إذا كان قادراً على القضاء تأديباً له وتشديداً عليه، لا إذا لم يكن قادراً (نيل الأوطار: 240/ 5).
(5)
تبيين الحقائق: 208/ 3، أحكام القرآن للجصاص: 412/ 2، المغني: 328/ 9.
ويشرع الحبس في ثمانية مواضع، كما أبان القرافي المالكي (1):
الأول ـ يحبس الجاني لغيبة المجني عليه، حفظاَ لمحل القصاص.
الثاني ـ حبس الآبق سنة، حفظاً للمالية رجاء أن يعرف صاحبه.
الثالث ـ يحبس الممتنع عن دفع الحق إلجاء إليه.
الرابع ـ يحبس من أشكال أمره في العسر واليسر، اختباراً لحاله، فإذا ظهر حاله حكم بموجبه عسراً أو يسراً.
الخامس ـ الحبس للجاني تعزيراً وردعاً عن معاصي الله تعالى.
السادس ـ يحبس من امتنع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة، من حقوق العباد، كحبس من أسلم متزوجاً بأختين أو عشر نسوة، أو امرأة وابنتها، وامتنع من تعيين واحدة.
السابع ـ من أقر بمجهول، عيناً أو في الذمة، وامتنع من تعيينه، فيحبس حتى يعينه، فيقول: العين هو هذا الثوب أو هذه الدابة ونحوها، أو الشيء الذي أقرت به هو دينار في ذمتي.
الثامن ـ يحبس الممتنع في حق الله تعالى الذي لا تدخله النيابة عند الشافعية كالصوم. وعند المالكية: يقتل كالصلاة.
قال القرافي: وما عدا هذه الثمانية لا يجوز الحبس فيه، ولا يجوز الحبس ي الحق إذا تمكن الحاكم من استيفائه، فإن امتنع المدين من دفع الدين، وعرف ماله، أخذنا منه مقدار الدين، ولا يجوز لنا حبسه، وكذلك إذا ظفرنا بماله، أو داره، أو
(1) الفروق: 79/ 4، الاعتصام: 120/ 2، وانظر الطرق الحكمية لابن القيم: ص 101 ومابعدها.