الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرابع: ذكر القاضي أبو سعيد الهروي: إن الكبيرة: كل فعل نص الكتاب على تحريمه، وكل معصية توجب في جنسها حداً من قتل أو غيره. وترك كل فريضة مأمور بها على الفور، والكذب في الشهادة والرواية واليمين.
وإذا كان القول الثاني هو لأكثر المفسرين، فإن الرأي الثالث هو أولى الآراء بالقبول؛ لأن الغزالي اعتمده، واستحسنه الرازي (1).
فالكبيرة إذن: هي كل ما يشعر بالاستهانة بالدين وعدم الاكتراث به (2).
التقسيم الثاني - تقسيم الذنوب إلى ما يتعلق بحق الله أو بحق العباد
(3):
تنقسم الذنوب إلى مايكون بين العبد وبين الله تعالى، وإلى ما يتعلق بحقوق الأشخاص (4).
(1) تفسير المنار: 49/ 5.
(2)
صنف أبو طالب المكي الكبائر بسبع عشرة: أربعة في القلب: وهي الشرك بالله، والإصرار على معصيته، والقنوط من رحمته، والأمن من مكره. وأربع في اللسان: وهي شهادة الزور، وقذف المحصن، واليمين الغموس، والسحر. وثلاث في البطن: وهي شرب الخمر والمسكر من كل شراب وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل الربا وهو يعلم. واثنتان في الفرج، وهما الزنا واللواط. واثنتان في اليد: وهما القتل والسرقة. وواحدة في الرجلين: وهو الفرار من الزحف. وواحدة في جميع الجسد: وهو عقوق الوالدين. وتعقبه الغزالي بأنه تصنيف غير شامل ويمكن الزيادة عليه. وقال: إن الكبائر على ثلاث مراتب: الأولى ما يمنع من معرفة الله تعالى ومعرفة رسله وهو الكفر، ويتلوه الأمن من مكر الله والقنوط من رحمته، ثم يتلوه البدع كلها المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله. المرتبة الثانية: النفوس. المرتبة الثالثة: الأموال. ثم استعرض بقية الجرائم (راجع الإحياء: 15/ 4 - 20).
(3)
تفسيرالقرطبي 199/ 18 وما بعدها، الإحياء 14/ 4.
(4)
المقصود بحق الله تعالى: ما يمس المجتمع وهو مايتعلق به النفع العام للعالم من غير اختصاص بأحد. وينسب إلى الله تعالى لعظم خطره وشمول نفعه. وأما حق العبد: فهو الحق الشخصي: وهو مايتعلق به مصلحة خاصة كحرمة مال الغير ودمه وعرضه.
فأما ما يتعلق بحق الله تعالى: فهو كترك الصلاة والصوم. والتوبة لا تصح منه، حتى ينضم إلى الندم قضاء ما فات منها.
وأما ما يتعلق بحقوق العباد: فهو كترك الزكاة وقتل النفس وغصب الأموال وشتم الأعراض، والتوبة منه تكون برد الحق لصاحبه. ففي حال التفريط بالزكاة يجب القضاء. وفي القتل تكون التوبة بالتمكين من القصاص إن كان عليه، وكان مطلوباً منه قضاء. وفي القذف ببذل ظهره للجلد إن كان مطالباً به. فإن عفي عنه أو عن القتل مجاناً كفاه الندم والعزم على ترك العود بالإخلاص. فإن عفي عن القتل بمال فعليه أداؤه إن كان واجداً له، قال الله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} [البقرة:178/ 2]. وكذلك شراب الخمر والسراق والزناة إذا أصلحوا وتابوا سقط الحد عنهم في رأي بعض العلماء كما سيأتي تفصيل الكلام فيه.
وإن كان الذنب من مصالح العباد، فلا تصح التوبة عنه إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه ـ عيناً كان أو غيره ـ إن كان قادراً عليه. فإن لم يكن قادراً فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه.
وإن كان العاصي أضر بآخر فإنه يزيل ذلك الضرر عنه، ثم يطلب منه العفو والاستغفار له، فإذا عفا عنه، سقط الذنب عنه.
وإن أساء رجل إلى آخر بأن فزَّعه بغير حق، أو غمه، أو لطمه، أو صفعه بغير حق أو ضربه بسوط فآلمه، أو شانه بشتم لا حد فيه ثم ندم واستعفى من المضرور، وعزم على ألا يعود فعفا عنه صاحب الحق، سقط عنه ذلك الذنب.