الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرهم، ورواية تعتبر نجاستها مخففة فيعفى عنها ما دون ربع الثوب عند الحنفية؛ لأن نجاسة الخمر إنما ثبتت بالشرع، بقوله تعالى:{رجس} [المائدة:90/ 5] فتختص النجاسة باسم الخمر. وعن أبي يوسف: أن الكثير الفاحش: هو النجس؛ لأن حرمتها دون حرمة الخمر، واختار السرخسي أن نجاسة السكر ونقيع الزبيب مخففة، والمفتى به أن نجاستها
كالخمر (1).
الفئة الثانية ـ المطبوخ وهو المثلث (أو الطلاء) والجمهوري والمطبوخ من الزبيب والتمر أدنى طبخ:
أي أن عصير العنب إذا طبخ فذهب ثلثاه، ونقيع التمر والزبيب إذا طبخ، وإن لم يذهب ثلثاه، فهذه هي الفئة الثانية.
المثلث: وهو المطبوخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي معتقاً، حكمه وحكم الجمهوري والمطبوخ من الزبيب والتمر أدنى طبخ، أي وإن لم يذهب ثلثاه: أنه يحل شرب القليل منه، ويحرم المسكر منه وهو القدح الأخير الذي يسكر، فإذا سكر يجب الحد، ويجوز بيعه وتمليكه ويضمن متلفه، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ودليلهما حديث وآثار: أما الحديث فهو ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بنبيذ فشمه، فقطب وجهه لشدته، ثم دعا بماء، فصبه عليه وشرب منه (2).
(1) نتائج الأفكار: 160/ 8، البدائع: 115/ 5، رد المحتار: 321/ 5.
(2)
رواه الطبراني وفيه هود بن عطاب وهو ضعيف، ويؤيده ما رواه الطبراني عن المطلب بن أبي وداعة وفيه رجل ضعيف: أن النبي أتي بإناء فصب عليه الماء، حتى تدفق، ثم شرب منه، وروى العقيلي عن علي، قال:«طاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة أسبوعاً، ثم استند إلى حائط من حيطان مكة، فقال: هل من شربة؟ فأتي بقعب من نبيذ، فقطب، ورده، فقام إليه رجل من آل حاطب، فقال: يا رسول الله، هذا شراب أهل مكة، قال: فصب عليه الماء، ثم شرب، ثم قال: حرمت الخمر بعينها والسَّكَر من كل شيء» وأعله بمحمد بن الفرات وهو منكر الحديث (راجع نصب الراية: 306/ 4، مجمع الزوائد: 66/ 5).
وأما الآثار، فمنها ماروي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه كان يشرب النبيذ الشديد، ومنها: ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه أضاف قوماً فسقاهم، فسكر بعضهم، فحده، فقال الرجل: تسقيني ثم تحدني؟ فقال علي: إنما أحدك للسُّكْر (1). والحقيقة أن هذا الخبر غير صحيح؛ لأن في سنده مدلساً وضعيفاً.
وقد اعتبر أبو حنيفة حل المثلث من علامة مذهب أهل السنة والجماعة، فقال: السنة أن تفضل الشيخين، وتحب الخَتَنين (أي الصهرين) وتمسح على الخفين، ولا تحرم نبيذ الجَرّ، أي المثلث أو الطلاء. والحل محصور في القليل منه أو إذا قصد به التقوي على الطاعة، أو التداوي، أو استمراء الطعام، أما إذا قصد به التلهي، فيحرم.
وقال محمد: لا يحل شرب هذين الشرابين، ولكن لا يجب الحد ما لم يسكر، لقوله عليه السلام:«ما أسكر كثيره فقليله حرام» وبرأيه يفتى عند الحنفية.
وقال الشافعية والمالكية والحنابلة: كل شراب أسكر كثيره حرم قليله، وحد شاربه إذا كان مكلفاً مختاراً، لقوله عليه السلام:«كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» وقوله أيضاً «أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره» وصحح الترمذي: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (2).
(1) المبسوط: 15/ 24، البدائع: 116/ 5، نتائج الأفكار: 162/ 8 وهذا الحديث أخرجه الدارقطني في سننه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي. وروى الدارقطني مثل ذلك عن عمر رضي الله عنه، ورواه العقيلي في كتابه عن عمر أيضاً، وله طرق أخر عند ابن أبي شيبة، وفي الأطراف، وعند عبد الرزاق في مصنفه (راجع نصب الراية: 350/ 3) ويلاحظ أن هذه القصة غير ثابتة.
(2)
مغني المحتاج: 187/ 4، المهذب: 286/ 2، بداية المجتهد:434/ 2 وما بعدها، المغني: 304/ 8.