الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويلاحظ أن العلماء اتفقوا على جواز إثبات جرائم القصاص في القتل والجرح العمد بالإقرار أو شهادة رجلين.
أولاً ـ الإقرار:
الإقرار: هو إخبار عن ثبوت حق للغير على نفسه (1)، وهو حجة قاصرة على المقر لا يتعدى أثره إلى غيره، لقصور ولاية الإقرار على غيره، فيقتصر أثر الإقرار على المقر نفسه. ويؤخذ بمقتضى الإقرار؛ لأن الإنسان غير متهم على نفسه.
ولا خلاف في جواز الاعتماد على الإٍقرارفي العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجرائم أو الجنايات والحدود، فقد أجمعت الأمة على صحة الإقرار مطلقاً، وكونه حجة في مختلف العصور، إذا كان صحيحاً.
واتفق العلماء على صحة الإقرار بحق من الحر البالغ العاقل المختار غير المتهم في إقراره (2).
ويشترط في الإقرار بالجناية أو الجريمة الموجبة لحد أو قصاص أو تعزير أن يكون واضحاً مفصلاً، قاطعاً في الاعتراف بارتكاب الجرم، عمداً أو خطأ أو شبه عمد.
فلا يصح الإقرار المجمل الغامض أو المشتمل على شبهة، حتى يتحدد نوع العقاب، إذ لا عقاب مثلاً على القتل دفاعاً عن النفس أو المال، أو استعمالاً لحق، أو تنفيذاً لقصاص.
(1) الدر المختار: 467/ 4.
(2)
البدائع: 222/ 7، تكملة الفتح: 281/ 6، تبيين الحقائق: 3/ 5، الشرح الكبير للدردير: 397/ 3 وما بعدها، المهذب: 343/ 2، مغني المحتاج: 238/ 2، المغني: 138/ 5.
ولا يصح إقرار المتهم في إقراره لملاطفة صديق ونحوه؛ لأن التهمة تخل برجحان جانب الصدق على الكذب في إقراره.
ولا يصح إقرار عديم العقل كالمجنون، وغير المميز. ويصح عند الحنفية خلافاً لبقية الأئمة إقرار الصبي المميز بالديون والأعيان؛ لأنه من ضرورات التجارة.
ولا يصح إقرار المستكره أو المتهم الذي يضرب ليقر في الأموال والجنايات الموجبة لحد أو قصاص، ويلغى، ولا يترتب عليه أي أثر، إلا أن المالكية يقولون: لا يلزم إقرار المستكره، بمعنى أنه يخير بعد زوال الإكراه بين إجازة الإقرار أو إلغائه أو إبطاله (1).
ولا يصح إقرار زائل العقل بنوم أو إغماء أو دواء. أما السكران المتعدي بسكره (وهو من تعاطى مسكراً متعمداً)(2): فيصح إقراره في كل تصرفاته وجناياته عند الشافعية. ويصح إقراره عند الحنفية في الأموال والأحوال الشخصية وفي القتل والجناية على ما دون النفس وعلى الجنين؛ لأنها حقوق شخصية للعباد، ولا يصح إقراره في الحدود الخالصة لله تعالى كحد الزنا والسرقة، لوجود الشبهة، وهي تدرأ بالشبهات، لكن يضمن السكران الشيء المسروق وإن كان لا يحد.
ولا يصح إقرار السكران بحق أو جناية أو غيرهما عند المالكية والحنابلة؛ لأنه غير عاقل.
(1) البدائع: 189/ 7 وما بعدها، تكملة الفتح: 265/ 7، تبيين الحقائق: 182/ 5، الدر المختار: 89/ 5، الدردير: 397/ 3، المغني: 196/ 8، حاشية الباجوري على شرح ابن القاسم لمتن أبي شجاع: 4/ 2.
(2)
الدر المختار: 489/ 4، رد المحتار والدر المختار: 180/ 3 وما بعدها، الدردير: 397/ 3، حاشية الباجوري: 4/ 2، المغني: 138/ 5.