الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاشر ـ أن تكون المرأة حية فلا يحد عند الجمهور واطئ الميتة ويحد في المشهور عند المالكية، كما سيأتي بيانه.
ويشترط أيضاً تحقيق معنى الزنا وهو تغييب حشفة أصلية في قبل امرأة كما تقدم، أما الوطء في الدبر أو اللواط، فلا يوجب الحد وإنما يوجب التعزير عند أبي حنيفة، ويوجب الحد كحد الزنا مكرراً أو محصناً عند سائر المذاهب ومنهم الصاحبان، لكن يرجم اللائط والملوط به مطلقاً بشرط التكليف عند المالكية (1). وأما من وطئ أجنبية غير محرم فيما دون الفرج، كتفخيذ وتبطين، فيعزر اتفاقاً؛ لأنه فعل منكر ليس فيه شيء مقدر شرعاً. ويشترط كذلك أن يكون الوطء في دار الإسلام، فلا حد على من وطئ في دار الحرب، كما تقدم.
ولا يقام حد الزنا إلا بعد ثبوت الزنى بإقرار أو ببينة أربعة شهود عدول، كما سيأتي بيانه.
المبحث الثالث ـ عقوبة الزنا:
الزاني إما محصن فيجب عليه حد الرجم، أو غير محصن، فيجب عليه حد الجلد.
1 - حد الزاني البكر غير المحصن:
حد الزاني البكر هو الجلد، لقوله تعالى:{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [النور:2/ 24]. وقال المالكية: لا يحد الكافر الذمي والحربي حد الزنا؛ لأن وطأه لا يسمى زنا شرعاً، فيكون الإسلام شرطاً عندهم لهذا الحد،
(1) الشرح الصغير: 456/ 4، مغني المحتاج: 144/ 4، كشاف القناع: 94/ 6. كما تقدم.
واختلف العلماء في النفي، فهل يجمع بين الجلد والتغريب على الزاني البكر (1).
قال الحنفية: لا يضم التغريب أي النفي إلى الجلد؛ لأن الله تعالى جعل الجلد جميع حد الزنا، فلو أوجبنا معه التغريب. كان الجلد بعض الحد، فيكون زيادة على النص، والزيادة عليه نسخ، ولا يجوز نسخ النص بخبر الواحد، ولأن التغريب تعريض للمغرّب على الزنا، لعدم استحيائه من معارفه وعشيرته.
فالنفي عندهم ليس بحد، وإنما هو موكول إلى رأي الإمام، إن رأى مصلحة في النفي فعل، كما أن له حبسه حتى يتوب.
وقال الشافعية والحنابلة: يجمع بين الجلد والنفي أو التغريب عاماً، لمسافة تقصر فيها الصلاة، لقوله عليه الصلاة والسلام:«خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مئة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم» (2) إلا أن الشق الثاني من هذا الحديث غير معمول به عند هؤلاء وغيرهم، بل الواجب على المحصن الرجم فقط للأحاديث الآتية الواردة في الرجم، ولكن لا تغرب المرأة وحدها بل مع زوج أو محرم لخبر:«لا تسافر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم» (3).
(1) راجع المبسوط للسرخسي: 44/ 9، البدائع: 39/ 7، فتح القدير: 134/ 4، 136، مختصر الطحاوي ص 262، مغني المحتاج: 147/ 4، المهذب: 267/ 2، 271، حاشية الدسوقي: 313/ 4، 322، بداية المجتهد: 427/ 2، المنتقى على الموطأ: 137/ 7، القوانين الفقهية: ص354، الشرح الصغير: 447/ 4، المغني لابن قدامة: 166/ 8، كشاف القناع: 90/ 6.
(2)
رواه أحمد والموطأ وأصحاب الكتب الستة إلا البخاري والنسائي عن عبادة بن الصامت (راجع جامع الأصول: 264/ 4، مجمع الزوائد: 264/ 6، نصب الراية: 330/ 3، نيل الأوطار: 87/ 7، سبل السلام: 45/ 4، التلخيص الحبير: ص 350).
(3)
أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها» وفي لفظ مسلم: «ثلاثاً» وفي لفظ «فوق ثلاث» وفي لفظ له «ثلاثة أيام فصاعداً» وأخرجه الدارقطني عن أبي أمامة الباهلي موفوعاً: «لا تسافر امرأة سفر ثلاثة أيام، أو تحج إلا ومعها زوجها» ورواه البخاري ومسلم بألفاظ أخرى عن ابن عمر وأبي هريرة (راجع نصب الراية: 11/ 3، سبل السلام: 183/ 2، الجامع الصغير: 200/ 2، التلخيص الحبير: ص 351).