الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا لم يحلف المدعون، حلف المدعى عليه خمسين، وبرئ، فيقول:«والله ما قتلته، ولا شاركت في قتله، ولا تسببت في موته» لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم» أي يتبرؤون منكم.
فإن لم يحلف المدعون، ولم يرضوا بيمين المدعى عليه، برئ المتهم، وكانت دية القتيل في بيت المال عند الحنابلة (1)، خلافاً للمالكية والشافعية.
وإن نكل (امتنع) المدعى عليه عن اليمين، ردت الأيمان عند الشافعية (2) على المدعين، فإن حلفوا عوقب المدعى عليه، وإن لم يحلفوا لا شيء لهم.
وعند المالكية (3): من نكل من المدعى عليهم، حبس حتى يحلف أو يموت في السجن، وقيل: يجلد مئة ويحبس عاماً.
ولا يحبس عليها عندالحنابلة (4) كسائر الأيمان.
المطلب السابع ـ من تجب عليه القسامة (أو من يدخل القسامة):
تجب القسامة على الورثة كلهم عند بعض الفقهاء وعلى بعض الورثة عند آخرين.
1ً - قال الحنفية (5): الحالف هو المدعى عليه، وتجب أيمان القسامة على بعض الورثة وهم الرجال البالغون، فلا قسامة على صبي أو مجنون أو امرأة؛ لأن
(1) المغني: 78/ 8.
(2)
مغني المحتاج: 116/ 4.
(3)
الشرح الكبير للدردير: 296/ 4، القوانين الفقهية: ص 348.
(4)
المغني: 87/ 8.
(5)
البدائع: 294/ 7، تكملة الفتح: 386/ 8، 389 ومابعدها، تبيين الحقائق: 171/ 6، الدر المختار: 444/ 6، 446 ومابعدها.
سبب وجوبها هو التقصير في النصرة، وعدم حفظ موضع القتل، وهؤلاء ليسوا أهلاً لذلك.
والصبي أو المجنون لا يدخل في القسامة في أي موضع وجد القتيل، سواء وجد في غير ملكه، أو في ملكه. أما اشتراكه في الدية مع العاقلة فيدخل معها إن وجد القتيل في ملكه؛ لأن وجوده في ملكه كمباشرته القتل، والصبي والمجنون مؤاخذان بضمان الأفعال المالي.
والمرأة لا تدخل في القسامة والدية في قتيل يوجد في غير ملكها. أما إن وجد في دارها أو في قرية لها، ليس بها غيرها، فعليها القسامة؛ لأنها أهل لليمين، فتستحلف وتكرر عليها الأيمان في قول الطرفين (أبي حنيفة ومحمد). وقال أبو يوسف: لا قسامة عليها، وإنما على عاقلتها؛ لأنها ليست من أهل النصرة.
وتدخل المرأة مع العاقلة في الدية في هذه المسألة، استثناء من نظام العاقلة.
ولا يحلف ولي القتيل مع أهل المحلة، ولا يقضى له بالجناية بيمينه؛ لأن اليمين شرعت للدفع، لا للاستحقاق.
والقسامة والدية تجبان على الأقرب من عاقلة من وجد القتيل فيهم، فرب الدار وقومه أخص، ثم أهل المحلة، ثم أهل المصر. وقوم الشخص أو قبيلته يرتبون أيضاً: الأقرب فالأقرب.
ولا يدخل عند أبي حنيفة ومحمد السكان (كالمستأجرين والمستعيرين) مع الملاك في القسامة؛ لأن المالك هو المختص بنصرة البقعة دون السكان. وقال أبو يوسف: هي عليهم جميعاً؛ لأن ولاية التدبير تكون بالسكنى وبالملك.
والقسامة عند الطرفين على أهل الخطة (1) دون المشترين، ولو بقي من أهل الخطة واحد. وقال أبو يوسف: الكل مشتركون؛ لأن ضمان الشيء إنما يجب بترك الحفظ، ممن له ولاية الحفظ، والولاية تتحقق بالملك، والكل هنا ملاك. ويظهر أن هذا الرأي في الظروف الحاضرة هو الأولى بالاتباع (2).
وإذا حلف أهل المحلة وجبت الدية في مالهم إن كانت الدعوى في قتل عمد، وعلى عواقلهم إن كانت في قتل خطأ.
وإذا كان مكان وجود القتيل مملوكاً تجب القسامة على الملاك، والدية على عاقلتهم، وإذا لم يكمل أهل المحلة خمسين رجلاً، كررت الأيمان عليهم حتى يتم خمسون يميناً؛ لأنها الواجبة بالسنة، فيجب إتمامها ما أمكن. ولا يبحث عن فائدة تكرار الأيمان على هذا النحو، لثبوتها هكذا بالسنة.
2ً - والمالكية (3) فرقوا بين نوعي القتيل: العمد والخطأ، فقالوا:
في الخطأ: يحلف أيمان القسامة ورثة القتيل، وإن كان الوارث واحداً أوامرأة أو أخاً أو أختاً لأم، وإذا تعدد الورثة توزع الأيمان على قدر الميراث، ويجبر الكسر واحداً على صاحب الكسر الأكثر، وينتظر حضور الغائب حتى يحلف، والصبي حتي يبلغ، فيحلف حصته من أيمان القسامة فقط، وأخذ نصيبه من الدية. وإن نكل ورثة المقتول خطأ حلفت عاقلة القاتل، كل واحد منهم يميناً واحدة. فإن لم
(1) الخِطة: ما اختط للبناء، والمراد هنا: ما خطه الإمام حين فتح البلدة وقسمها بين الغانمين. والمقصود بما خطه الإمام: أي ما أفرزه وميزه من أراض وأعطاه لأحد الناس.
(2)
قال ابن عابدين في رد المحتار: 447/ 5: والحاصل أنه إذا كان في محلة أملاك قديمة وحديثة وسكان، فالقسامة على القديمة دون أخويها؛ لأنه إنما يكون ولاية تدبير المحلة إليهم. وإذا كان فيها أملاك حديثة وسكان فعلى الحديثة. وإذا كان سكان فلا شيء عليهم. قال في شرح الطحاوي: قيل هذا في عرفهم، وأما في عرفنا فعلى المشترين؛ لأن التدبير إليهم.
(3)
الشرح الكبير: 293/ 4 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 348 ومابعدها.