الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجنب كل ما يوقع في الجرائم بوازع الدين للإصلاح، لأن الدفع أو المنع أولى من الرفع «ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح» كما جاء في القواعد الشرعية الكلية.
ولقد بلغ من شدة الخوف من الله ومن قوة ضمير المسلم أن كان المؤمن الصادق الإيمان يقدم على الموت بلا تردد ولا وجل من أجل تطهير نفسه، وإرضاء ربه، فهل لهذا مثيل في قوانين الدين أو عادات الشعوب؟!.
والخلاصة: أن هذه المبادئ أو القواعد الشرعية تساهم مساهمة فعالة في منع الجريمة أو التخفيف منها أو توجيهها الوجهة الصالحة.
سابعاً - الحدود الشرعية وحكمتها وأثر تطبيقها في منع الجريمة في عصرنا:
لا شك بأن حقيقة الحد الشرعي قاسية، ولكن القسوة تفيد أحياناً في الزجر والردع والإصلاح، وهي أفعل وأمضى وأنفذ من العقوبات التعزيرية كالحبس والضرب البسيط، وليس أدل على أثرها في منع الجريمة من تطبيقها في البلاد السعودية، حيث استتب الأمن، وانقطعت السرقات، وانتهت عصابات قطع الطريق أو المحاربين، بالرغم من أن قطع اليد في ربع قرن فأكثر لا يزيد عن ستة عشر يداً. وكذلك عندما طبقت الحدود في السودان في عام (1983)، قلّت الجرائم، وعندما جمدت وأوقفت كثرت وانتشرت.
فالعقوبةالحدية أداة زجر وإصلاح معاً، ووسيلة تهذيب وتقويم فعال، لكني ألاحظ أن البدء في تطبيق الشريعة الإسلامية بأقسى ما فيها من عقوبات الحدود وما يصحبها من تصورات مغلوطة وأوهام فاسدة ومبالغات مسرفة، ليس منهجاً
صحيحاً ولربما أدى عند تغير السلطة ورئاسة الدولة إلى ردود فعل عنيفة تسيء إلى الإسلام ديناً وعقيدة ونظام حياة، كما حدث في السودان في أواسط الثمانينات في رجب سنة (1406 هـ) الموافق (1985) بعد تطبيق الحدود سنة (1983) وحدث عام (1409 هـ) في الباكستان بعد أن فجرت طائرة الرئيس ضياء الحق الذي طبق الشريعة، لأن شريعة الإسلام منهج متكامل وكل لا يتجزأ، يشمل آفاق الحياة المختلفة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
وطريقة الإسلام أو أسلوبه في الإصلاح يبدأ أولاً بالتوجيه والإقناع، والبرهان والبيان، والدعوة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، والإرشاد الهادئ غير الثائر في الداخل، المعتمد على الإقناع ومناقشة أولئك الذي ألفوا تطبيق القوانين الغربية البعيدة عن فلسفة الإسلام وتصوراته.
وبالحكمة ونشر تعاليم الإسلام في أوساط الناس يمكن تحويل المجتمع بما فيه من طاقات خيّرة عن تقاليده وموروثاته الاستعمارية، وتصوراته الغربية الدنيوية، إلى عدل الإسلام ورحمته الشاملة ويسره وإسعاده الفرد والجماعة في عالمه القائم. ولا بد أيضاً من إصلاح أنظمة الحكم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بجعل الشورى أصلاً للحكم، والعدل والإنصاف رائداً للقضاء والسياسة فعلاً، لا مجرد شعار، والعمل بقدر الإمكان على تحقيق الرخاء أو الرفاه الاقتصادي للجميع، وتوزيع الثروة العامة بالعدل، ومحاولة إنهاء مشكلة الفقر والبطالة ومحو الأمية، وتغيير معالم المجتمع الجاهلية، وإصلاح مناهج التربية والتعليم ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وإزالة كل ما فيها من تناقضات وإشكالات، حتى تزول الاضطرابات الفكرية، وتستأصل العُقَد لدى الشباب، وتبدد الشبهات والمشكلات الطارئة في الأوساط العامة، بتأثير بعض النظريات المادية الخالية من تفسير ظواهر الكون تفسيراً دينياً مقبولاً، فإذا ما توافرت القاعدة الإسلامية، واستعد المجتمع