الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثامناً ـ ولاية استيفاء القصاص:
الكلام فيمن يلي استيفاء القصاص يحتاج لتفصيل بحسب ما إذا كان المستحق منفرداً أو متعدداً.
1 - إذا كان مستحق القصاص منفردا ً
فإما أن يكون كبيراً أو صغيراً:
أـ فإن كان كبيراً فله استيفاء القصاص؛ لقوله تعالى: {ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً، فلا يسرف في القتل، إنه كان منصوراً} [الإسراء:33/ 17].
ب ـ وإن كان صغيراً أو مجنوناً، ففي انتظار كماله عند مشايخ الحنفية رأيان (1): قال بعضهم: ينتظر بلوغه أو كماله. وقال آخرون: يستوفيه القاضي نيابة عنه.
وقال المالكية (2): لا ينتظر البلوغ أو الإفاقة، ولولي الصغير أو المجنون أو وصيهما النظر بالمصلحة في استيفاء القصاص، وفي أخذ الدية كاملة.
وقال الشافعية والحنابلة (3): ينتظر بلوغ الصغير وإفاقة المجنون؛ لأن القصاص للتشفي، فحقه التفويض إلى اختيار المستحق، فلا يحصل المقصود باستيفاء غيره من ولي أو حاكم أو بقية الورثة.
2 - إذا تعدد مستحقو القصاص:
فإما أن يكون الكل كباراً أو فيهم صغير.
أـ فإن كان الجميع كباراً حاضرين، فلكل واحد منهم ولاية استيفاء القصاص، حتى لو قتله أحدهم صار القصاص مستوفى للجميع؛ لأن القصاص
(1) البدائع: 243/ 7.
(2)
الشرح الكبير للدردير: 258/ 4.
(3)
مغني المحتاج: 40/ 4، المغني: 739/ 7.
إن كان حق الميت (كما يرى الصاحبان وموافقوهما) فكل واحد من الورثة خصم في استيفاء حق الميت، كما هو الحال في استيفاء المال.
وإن كان القصاص حق الورثة ابتداءً واستقلالاً (كما يرى أبو حنيفة ومالك) فكل واحد من الورثة يملك حق القصاص على سبيل الكمال.
لكن يشترط عند الحنفية حضور جميع المستحقين عند استيفاء القصاص، لاحتمال العفو من الغائب. فإن بادر أحد المستحقين بقتل الجاني، صار القصاص عند الحنفية مستوفى للجميع؛ لأن القصاص واجب عيناً، وليس لباقي الورثة شيء من المال، وإنما يعزر المقتص لافتئاته على إمام المسلمين.
وقال الحنابلة، والأظهر عند الشافعية (1): إنه لا قصاص في هذه الحالة على من بادر فقتل الجاني، ولكن للباقين من المستحقين نصيبهم من الدية من تركة الجاني، لسقوط حقهم بغير اختيارهم، وكون ذلك من تركة الجاني لا من المبادر على الأرجح؛ لأن المبادر فيما وراء حقه كالشخص الأجنبي، ولو بادر أجنبي فقتل الجاني، أخذ الورثة الدية من تركة الجاني لا من الأجنبي.
ب ـ وأما إذا كان مستحقو القصاص كباراً وصغاراً، أو فيهم مجنون أو بعضهم غائب. فللكبار استيفاء القصاص عند أبي حنيفة ومالك (2)، ولا ينتظر بلوغ الصغير، ولا إفاقة المجنون (3)؛ لثبوت حق القصاص للورثة ابتداء على سبيل الكمال والاستقلال، ولأن القصاص حق لا يتجزأ، لثبوته بسبب لا يتجزأ، وهو
(1) مغني المحتاج: 41/ 4، المغني: 741/ 7.
(2)
البدائع: 243/ 7 وما بعدها، الدر المختار: 383/ 5، الشرح الكبير للدردير: 257/ 4، تكملة فتح القدير: 265/ 8.
(3)
هذا عند المالكية إذاكان الجنون مطبقاً مستمراً، أما من يفيق أحياناً فتنتظر إقامته، كما ينتظر المغمى عليه.