الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السرقة من جوع. وأضاف الحنابلة شرط كون السارق عالماً بمسروق وبتحريمه اعتباراً بما في ظن المكلف (البالغ العاقل). أما إذا سرق الولد من مال أحد أبويه فيقطع عند المالكية، ولايقطع عند بقية المذاهب، لأن الولد يتبسط في مال والديه عادة، فتكون هناك شبهة في إسقاط الحد.
شروط المسروق:
يشترط في المسروق عدة شروط:
1 - أن يكون المسروق مالاً متقوما
(1): والمراد بالمال: ما يتموله الناس ويعدونه مالاً؛ لأن ذلك يشعر بعزته وخطره عندهم، وما لا يتمولونه فهو تافه حقير، ولا تقطع اليد في الشيء التافه، كما كان عليه عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمراد بالمتقوم: ما كان له قيمة يضمنها متلفه عند اعتدائه عليه.
وبناء على هذا: لو سرق إنسان صبياً حراً، لا تقطع يده، لأن الحر ليس بمال (2)، وإنما يعزر. ولو سرق شخص خمراً أو خنزيراً أو جلد ميتة لا تقطع يده أيضاً؛ لأنه لا قيمة للخمر والخنزير في حق المسلم، ولا مالية في جلد الميتة، وهذا شرط متفق عليه. ولا قطع بسرقة أدوات الملاهي كالعدد والمزمار، والأصنام والصلبان؛ لأنها غير متقومة فلا يباح استعمالها، وإزالة المعصية أمر مندوب إليه.
2 - أن يكون المال المسروق مقدرا ً:
أي له نصاب، فلا يقطع السارق في الشيء التافه. واختلف الفقهاء في مقدار النصاب: فقال الحنفية: نصاب السرقة دينار أو عشرة دراهم، أو قيمة أحدهما (3)، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا قطع فيما دون
(1) البدائع: 67/ 7، المهذب: 280/ 2 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 359، غاية المنتهى: 336/ 3.
(2)
فتح القدير: 230/ 4.
(3)
المبسوط: 137/ 9، البدائع: 77/ 7، فتح القدير: 220/ 4.
عشرة دراهم» (1) وقوله أيضاً: «لا تقطع اليد إلا في دينار، أو في عشرة دراهم» (2). وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا يقطع السارق إلا في ثمن المِجَنَّ، وكان يقوَّم يومئذ بعشرة دراهم» (3).وقال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: نصا ب السرقة ربع دينار شرعي من الذهب أو ثلاثة دراهم شرعية خالصة من الفضة (4). أو قيمة ذلك من العروض والتجارات والحيوان، إلا أن التقويم عند المالكية والحنابلة في سائر الأشياء المسروقة عدا الذهب والفضة يكون بالدراهم. وعند الشافعية بالربع دينار. ودليلهم: قوله عليه الصلاة والسلام: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً» (5) وأنه
(1) رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا قطع فيما دون عشرة دراهم» وفيه نصر بن باب، ضعفه الجمهور. وقال أحمد: لا بأس به. ورواه الطبراني عن ابن مسعود بلفظ: «لا قطع إلا في عشرة دراهم» (راجع جمع الزوائد: 273/ 6، نصب الراية: 359/ 3).
(2)
هذا من الآثار عن ابن مسعود: رواه عبد الرزاق في مصنفه، ومن طريقه رواه الطبراني في معجمه، وهو موقوف كما قال الهيثمي. وفيه القاسم أبو عبد الرحمن ضعيف، وقد وثق (راجع مجمع الزوائد، المرجع السابق، نصب الراية: 360/ 3) «وروى أبو داود في سننه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد رجل في مجنّ قيمته دينار أو عشرة دراهم، وهو حديث مرفوع (راجع نصب الراية: 358/ 3).
(3)
رواه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو بلفظ: «لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن، قال عبد الله: وكان ثمن المجن عشرة دراهم» «وروى النسائي عن أيمن بن أم أيمن الحبشية رضي الله عنهما قال: ولم يقطع النبي صلى الله عليه وسلم السارق إلا في ثمن المجن، وثمن المجن يومئذ دينار» وفي رواية «عشرة دراهم» قال النسائي: وأيمن ما أحسب أن لحديثه صحة (راجع جامع الأصول: 113/ 4، نصب الراية: 359/ 3).
(4)
من المعروف عند هؤلاء أن الدينار اثنا عشر درهماً. والدرهم 975،2 غم. وعند الحنفية: الدينار عشرة دراهم. وبما أن المثقال أو الدينار يساوي 1 و 7/ 3 درهم، فيساوي الدينار 45،4 غم.
(5)
رواه أحمد والموطأ وأصحاب الكتب الستة عن عائشة رضي الله عنها بألفاظ متعددة منها لفظ البخاري: «تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً» ومنها لفظ مسلم: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعداً» (راجع جامع الأصول: 310/ 4، سبل السلام: 18/ 4، نيل الأوطار: 124/ 7، التلخيص الحبير: ص 355).