الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ ولو نفرت الدابة أو انفلتت من حارسها (المالك أو غيره): فما أصابت في فورها، فلا ضمان عليه لقوله عليه الصلاة والسلام:«العجماء جبار» أي البهيمة جُرْحها جُبَار: هدر، ولأنه لا صنع له في نَفَارها وانفلاتها، ولا يمكنه الاحتراز عن فعلها، فلا يكون الناشئ عنه مضموناً.
ـ ولو أرسل دابته، فما أصابت من فورها، ضمن؛ لأن سيرها في فورها مضاف إلى إرسالها، فكانت متعدياً في الإرسال، فصار كالدافع لها، أو كالسائق. فإن عطفت (مالت أو تحولت) يميناً أو شمالاً، ثم أصابت شيئاً ففيه احتمالان:
إن لم يكن لها طريق آخر إلا ذاك، وجب الضمان على المرسل؛ لأنها باقية على الإرسال.
وإن كان لها طريق آخر، لا يضمن مرسلها؛ لأنه انقطع أثر الإرسال، وصارت كالمنفلتة.
وفي كل هذه الأحوال: ما كان من جناية الحيوان على بني آدم، فهو على العاقلة؛ لأن حائز الحيوان متسبب متعد. وما كان على المال، فهو على المسؤول عن الحيوان، في ماله، حالاً، أي أن ضمان النفس على العاقلة، وضمان المال في مال المتعدي. وهذا ما نص عليه الحنفية والشافعية (1).
ثانياً ـ ضمان المتسبب وحده:
المتسبب: هو من يفعل فعلاً يؤدي إلى ضرر ما، ولكن بواسطة أخرى. ويضمن المتسبب أثر فعله بشرطين:
(1) مراجع الحنفية السابقة، مغني المحتاج: 204/ 4.
1ً - إذا كان متعدياً، والتعدي: هو فعل السبب بغير حق، سواء أكان متعمداً الضرر أم لا يقصد الضرر.
2ً - وإذا كان هو العامل الأهم في إحداث الضرر، بأن يغلب السبب المباشرة، كما في الأمثلة التالية:
ـ من ضرب دابة عليهاراكب، أو نخسها بعود بلا إذن الراكب، فنفحت شخصاً أو ضربته برجلها أو بذنبها، أو نفرت، فصدمت إنساناً في فور النخسة، ضمن الناخس أو الضارب، دون الراكب؛ لأن الأول متعد في فعله، فما تولد عنه، مضمون عليه، والراكب ليس بمتعد، فترجح جانب الناخس في التغريم للتعدي. ويلاحظ أن اشتراط كون النفحة فور النخس أمر ضروري ليتوافر معنى السببية في إحداث الضرر (1).
فإذا انقطع الفور بعد النخس، فينسب الضرر إلى اختيار الدابة، لا إلى الناخس.
وإذا حدث النخس أو الضرب بأمر الراكب، فنفحت الدابة برجلها إنساناً، فقتلته: فإن وقع الفعل في مكان مأذون فيه فلا ضمان. كأن كان الراكب يسير في الطريق، أو كان واقفاً في ملكه الخاص، أو في موضع قد أذن فيه بالوقوف من الأسواق العامة ونحوها؛ لأن الناخس فعل بأمر الراكب فعلاً يملكه الراكب، فصار فعله كفعل الراكب نفسه، وفعل الراكب حينئذ لا يضمن، فلا يضمن مثله.
أما إن وقع النخس في مكان لم يؤذن بالوقوف فيه، كالطريق العام، فيشترك
(1) المبسوط: 2/ 27، درر الحكام: 113/ 2 ومابعدها، الدر المختار: 430/ 5 وما بعدها، مجمع الضمانات: ص187، تكملة الفتح: 352/ 8.