الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
قال المالكية (1): يجب تعزير القاتل العمد إذا لم يقتص منه، والعقوبة هي جلد مئة، وحبس سنة، عملاً بأثر ضعيف عن عمر.
2 -
وقال الجمهور (2): لا يجب التعزير، وإنما يفوض الأمر للحاكم، يفعل ما يراه مناسباً للمصلحة، فيؤدب الشرير بالحبس أو الضرب أوالتأنيب ونحوها. ويمكن أن يكون التعزير عند الحنفية والمالكية هو القتل أو الحبس مدى الحياة.
النوع الثالث ـ العقوبة التبعية للقتل العمد ـ الحرمان من الميراث والوصية:
ثبت في السنة تشريع عقوبة أخرى للقتل العمد وهي الحرمان من الإرث، والوصية، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«ليس لقاتل ميراث» (3) وفي رواية: «لا يرث القاتل شيئاً» (4). وفي قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس لقاتل وصية» (5). فإذا قتل الوارث مورثه، أو الموصى له الموصي، حرم من الميراث والوصية، عملاً بمبدأ سد الذرائع، كيلا يطمع أحد بمال مورثه، فيتعجل موته بالقتل.
لكن اختلف الفقهاء في نوع القتل المانع من الميراث أو الوصية.
أولاً ـ الحرمان من الميراث:
القتل من حيث المبدأ مانع من الميراث بالاتفاق، لكن الخلاف في تحديد صفة القتل.
(1) بداية المجتهد: 396/ 2.
(2)
التلويح على التوضيح: 155/ 2، المغني: 745/ 7، الأحكام السلطانية للماوردي: ص 229، ولأبي يعلى: ص 266، رد المحتار: 196/ 3، الشرح الكبير للدردير: 355/ 4، التشريع الجنائي الإسلامي: 183/ 2 ومابعدها، المدخل الفقهي للأستاذ الزرقا: ف 331، 333.
(3)
رواه مالك في الموطأ وأحمد وابن ماجه عن عمر (نيل الأوطار: 74/ 6).
(4)
رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (نيل الأوطار، المكان السابق).
(5)
أخرجه الدارقطني والبيهقي عن علي بن أبي طالب، وفيه راو متروك يضع الحديث (نصب الراية: 402/ 4).
فقال الحنفية والشافعية والحنابلة (الجمهور)(1): إن القتل العدوان بغير حق، الصادر من البالغ العاقل، عمداً أم خطأ، مانع من الميراث.
لكن يشترط عند الحنفية أن يكون القتل مباشرة لا تسبباً. ولم يميز الشافعية والحنابلة بينهما، فقالوا: لا فرق بين المباشرة والتسبب، فكلاهما مانع من الإرث.
وإذا كان القتل بحق وهو القتل غير المضمون كالقتل قصاصاً أو حداً أو دفاعاً عن النفس أو قتل العادل الباغي، أو كالقتل الحادث بسبب التأديب كضرب الأب والزوج والمعلم، فلا يمنع الميراث عند الحنفية والحنابلة، ويمنع الميراث عند الشافعية، أي أن القتل غير المضمون يمنع الإرث عند الشافعية، وعند الحنابلة لايمنع. والقتل بإكراه مضمون عند الشافعية والحنابلة، فيمنع الميراث.
والقتل الصادر من الصبي أو المجنون أو النائم لا يمنع الميراث عند الحنفية، ويمنع الميراث عند الشافعية والحنابلة؛ لأنه قتل بالتسبب.
وقال المالكية (2): إن القتل العمد، ومثله شبه العمد المعروف عند غيرهم والمقرر استثناء لديهم هو المانع من الميراث، سواء أكان مباشرة أم تسبباً، وأما القتل الخطأ فلا يحرم الإرث.
وعلى هذا فأشد المذاهب في جعل القتل مانعاً من الميراث هم الشافعية ثم الحنابلة، ثم الحنفية ثم المالكية. والسبب في التشدد إطلاق حديث:«ليس للقاتل شيء» ولأن القاتل لو ورث لم يؤمن أن يستعجل الإرث بالقتل، فاقتضت المصلحة حرمانه:«من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه» .
(1) الدر المختار: 542/ 5، التلويح على التوضيح: 153/ 2، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 136، مغني المحتاج: 25/ 3، المغني: 292/ 6، المهذب: 24/ 2، مؤلفنا نظرية الضمان: ص 329 وما بعدها.
(2)
الشرح الكبير للدردير: 486/ 4.