الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ـ شروط حد الزنا:
لا حد على الزاني والزانية إلا بشروط، منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه، وهي عشرة (1):
الأول ـ أن يكون الزاني بالغاً، فلا يحد الصبي غير البالغ بالاتفاق.
الثاني ـ أن يكون عاقلاً، فلا يحد المجنون بالاتفاق، فإن زنى عاقل بمجنونة أو مجنون بعاقلة، حد العاقل منهما.
الثالث ـ أن يكون مسلماً، في رأي المالكية، فلا يحد الكافر إن زنى بكافرة ولكنه يؤدب إن أظهره، وإن استكره مسلمة على الزنا قتل، وإن زنى بها طائعة نكَّل به وعزر. وقال الجمهور: يحد الكافر حد الزنا، لكنه لا يرجم المحصن عند الحنفية، وإنما يجلد. ولا حد للزنا وشرب الخمر عند الشافعية والحنابلة على المستأمن؛ لأنه حق لله تعالى، ولم يلتزم بالعهد حقوق الله تعالى.
الرابع ـ أن يكون طائعاً مختاراً، واختلف الفقهاء في أنه هل يحد المكره على الزنا، فقال الجمهور (2): لا يحد، وقال الحنابلة: يحد، كما بان في التعريف. ولا تحد المرأة إذا استكرهت على الزنا أو اغتصبت.
الخامس ـ أن يزني بآدمية، فإن أتى بهيمة فلا حد عليه باتفاق المذاهب الأربعة في الأصح عند الشافعية، ولكنه يعزر، ولا تقتل البهيمة ولا بأس بأكلها عند الجمهور، وتقتل بشهادة رجلين على فعله بها، ويحرم أكلها ويضمنها عند الحنابلة.
(1) القوانين الفقهية: ص 353 وما بعدها، اللباب شرح الكتاب: 190/ 3 - 193، المهذب: 263/ 2، 266، 269، غاية المنتهى: 319/ 3 وما بعدها.
(2)
هذا هو المفتى به عند المالكية، وهو مذهب المحققين كابن العربي وابن رشد، خلافاً لرأي الأكثر والمشهور، لعذر المكره كالمرأة (حاشية الدسوقي: 318/ 4).
السادس ـ أن تكون المزني بها ممن يوطأ مثلها، فإن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها، فلا حد عليه ولا عليها عند الحنفية. ولا تحد المرأة إذا كان الواطئ غير بالغ. وقال الجمهور: يحد واطئ الصغيرة التي يمكن وطؤها، وإن كانت غير مكلفة لصدق حد الزنا عليه دونها كالنائمة والمجنونة (1).
السابع ـ ألا يفعل ذلك بشبهة (انتفاء الشبهة) فإن كان الوطء بشبهة، سقط الحد، مثل أن يظن بامرأة أنها زوجته أو مملوكته، فلا حد عند المالكية والشافعية، ويجب الحد عند أبي حنيفة وأبي يوسف والحنابلة، وهذه هي شبهة الفاعل. وكذلك لا يحد بالاتفاق من وطئ بعد وجود نكاح فاسد مختلف فيه، كالزواج دون ولي أو بغير شهود، وذلك بسبب شبهة العقد. فإن كان الزواج فاسداً بالاتفاق، كالجمع بين الأختين، ونكاح خامسة، ونكاح ذوات المحارم من النسب أو الرضاع، أو تزوج في العدة، أو ارتجاع من طلاق ثلاث دون أن تتزوج غيره، أو شبه ذلك، فيحد فيما ذكر كله، إلا أن يدعي الجهل بتحريم المذكور كله، ففيه قولان عند المالكية.
الثامن ـ أن يكون عالماً بتحريم الزنا، فإن ادعى الجهل به، وهو ممن يظن به الجهل، ففيه قولان عند المالكية لابن القاسم وأصبغ، والراجح أنه لا يحد الجاهل والغالط والناسي، كمن نسي طلاق امرأته.
التاسع ـ أن تكون المرأة غير حربية في دار الحرب أو دار البغي، وهذا عند الحنفية كما تقدم، أما المذاهب الأخرى، فيحد من وطئ حربية ببلاد الحرب أو دخلت عندنا بأمان.
(1) الشرح الكبير: 314/ 4، حاشية قليوبي وعميرة: 179/ 4، كشاف القناع: 99/ 6.