الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
ضابط موجب التعزير:
هو كل من ارتكب منكراً أو آذى غيره بغير حق بقول أو فعل أو إشارة، سواء أكان المعتدى عليه مسلماً أم كافراً (1).
قدر التعزير:
يكون التعزيرعلى قدر الجناية، وعلى قدر مراتب الجاني بحسب اجتهاد الحاكم إما بالتغليظ في القول أي الكهر، أو بالحبس، أو بالضرب، أو بالصفع، أو بالقتل، كما في الجماع في غير القبل عند المالكية (2)، أو بالعزل من الولاية، وبإقامته من المجلس، وبالنيل من عرضه مثل: يا ظالم، يا معتدي، ولا بأس بتسويد وجهه، ونداء عليه بذنبه، ويطاف به مع ضربه، ويجوز صلبه، ولايمنع من أكل ووضوء، ويصلي بالإيماء ولا يعيد. وحرم تعزير بحلق لحية، وقطع طرف، وجرح، وكذا بأخذ مال وإتلافه عند الحنابلة. وتعزر تعزيراً بليغاً القوادة التي تفسد النساء والرجال، وينبغي شهر ذلك بحيث يستفيض في الناس.
وأقل التعزير في الضرب: ثلاثة أسواط فصاعداً، ويمكن أن يكون أقل من ثلاثة بحسب الأشخاص، فليس لأقل التعزير حد معين. واختلف العلماء في أقصاه: فقال أبو حنيفة ومحمد والشافعية والحنابلة: لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود المشروعة، فينقص منه سوط، وأدنى الحدود عند الشافعية بالنسبة للأحرار هو أربعون جلدة وهو حد الخمر، وعند الآخرين هو بالنسبة للماليك: وهو أربعون جلدة، وهو حد القذف للعبيد، لقوله عليه السلام: «من بلغ حداً في غير
(1) رد المحتار: 199/ 3، 203، 206. تكملة المجموع: 357/ 18.
(2)
القوانين الفقهية لابن جزي: ص 358.
حد فهو من المعتدين» (1)، ولأن العقوبة على قدر الإجرام والمعصية، والمعاصي المنصوص على حدودها أعظم من غيرها، فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأموين عقوبة أعظمهما.
وقال أبو يوسف: لا يبلغ الحد ثمانين، وينقص منه خمسة أسواط؛ لأنه حمل الحد المذكور في الحديث السابق: «من بلغ حداً
…
» على الأحرار؛ لأن الأحرار هم المقصودون في الخطاب، وغيرهم ملحق بهم (2). وقد أخذ برأي الإمام علي في أنه ينقص عن الثمانين جلدة خمسة أسواط.
وقال المالكية: يضرب الإمام في التعزير أي عدد أداه إليه اجتهاده، حتى ولو تجاوز أعلى الحدود، فيجوز العزير بمثل الحدود وأقل وأكثر على حسب الاجتهاد؛ لما روي أن معن بن أوس عمل خاتماً على نقش خاتم بيت المال، ثم جاء به صاحب بيت المال، فأخذ منه مالاً، فبلغ عمر رضي الله عنه، فضربه مائة وحبسه، فكلم فيه، فضربه مائة أخرى، فكلم فيه من بعد، فضربه ونفاه (3). وكان جلد عمر لمعن على عدة جنايات: وهي تزويره الخاتم، وأخذ المال من بيت المال، وفتحه باب الاحتيال لغيره من الناس. ويؤيد رأي المالكية أيضاً ما روي عن الإمام علي رضي الله عنه أنه جلد من وجد مع امرأة من غير زنا مائة سوط إلا سوطين.
(1) رواه البيهقي عن النعمان بن بشير، وقال: المحفوظ المرسل، ورواه ابن ناجيه في فوائده، ورواه محمد بن الحسن مرسلاً، ورواه الطبراني بلفظ: «من جلد حداً
…
» قال الهيثمي: وفيه محمد بن الحسين القصاص والوليد بن عثمان خال مسعر، ولم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات (راجع نصب الراية: 354/ 3، مجمع الزوائد: 281/ 6).
(2)
البدائع، المرجع السابق: ص 64، فتح القدير: 214/ 4، تبيين الحقائق: 209/ 3، حاشية ابن عابدين: 190/ 3، 198 ومابعدها، 204 وما بعدها، تكملة المجموع: 357/ 18، المهذب: 288/ 2، المغني: 324/ 8، غاية المنتهى: 333/ 3، 335، السياسة الشرعية لابن تيمية: ص 112، الطرق الحكمية: ص 265، نهاية المحتاج: 175/ 7، مغني المحتاج: 193/ 4.
(3)
حاشية الدسوقي: 355/ 4، القوانين الفقهية: ص 358، وقصة معن ذكرها ابن قدامة في المغني: 325/ 8.