الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني: 131/ 2. واستعظام التقصير أو التفريط، أو ارتكاب أي خطيئة مهما صغرت، تشريعاً وتعليماً للأمة وإرشاداً للناس وفتحاً لباب التوبة للأمة، كل على قدر منزلته، وعلو رتبته، ومدى مسؤوليته العامة أو الخاصة. أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد تاب الله عليه من أي شيء.
ومن الأحاديث المرغبة في التوبة أيضاً: «لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة» (1).
2) ـ ما تجب التوبة عنه ووقت قبولها:
تجب التوبة من جميع الذنوب أو المعاصي، فإن تاب المرء من بعضها صحت توبته عند أهل السنة من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي (2).
والمقصود بالذنب: كل ما هو مخالف لأمر الله تعالى في ترك أو فعل (3). ومما يدل على جواز التوبة عن أي مخالفة لأحكام الإسلام قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة
…
} [النساء:17/ 4] فإنه يعم الكفر وسائر المعاصي، فكل من عصى ربه، فهو جاهل حتى ينزع أو يقلع عن معصيته، قال قتادة: أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة عمداً كانت أو جهلاً (4).
وإيجاب التوبة على الفور هو الأصل المبدئي العام، ومع ذلك يمكن قبول التوبة طوال حياة الإنسان تفضلاً من الله ورحمة، وتيسيراً وسماحة، وفتحاً لباب
(1) متفق عليه بين البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
رياض الصالحين: ص 12، تفسير القرطبي: 90/ 5
(3)
الإحياء: 14/ 4
(4)
تفسير القرطبي: 92/ 5.
الأمل. وإبعاداً لليأس والقنوط عن النفس، إذ «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون» (1). ويرشد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (2) أي ما لم تبلغ روحه الحلقوم. وفسر عكرمة قوله تعالى: {ثم يتوبون من قريب} [النساء:17/ 4] بأن الدنيا كلها قريب. وقال الضحاك: كل ما كان قبل الموت فهو قريب (3) وفي حديث آخر: «ما من عبد مؤمن يتوب قبل الموت بشهر إلا قبل الله منه أدنى من ذلك، وقبل موته بيوم وساعة، ويعلم الله منه التوبة والإخلاص إليه، إلا قبل منه» (4).
قال العلماء: إنما صحت التوبة قبل الموت ولو بيوم، لأن الرجاء بإصلاح الإنسان باق، ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل القبيح (5). أما من صار في حال اليأس من الحياة، كفرعون الذي آمن حينما صار في غمرة الماء والغرق، فلا تنفعه التوبة، أو إظهار الإيمان في ذلك الوقت؛ لأنها حال زوال التكليف الشرعي، قال الله تعالى عن قصة فرعون:{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر، فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدْواً، حتى إذا أدركه الغرق، قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [يونس:90/ 10 - 91]. ويؤكد ذلك آية أخرى في موضوعها وهي: {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت، قال: إني تبت الآن، ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً} [النساء:18/ 4].
(1) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث أنس بن مالك، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
(2)
أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(3)
تفسير ابن كثير: 463/ 1، تفسير القرطبي: 92/ 5، تفسير الكشاف: 386/ 1.
(4)
ذكره الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث عبد الله بن عمر.
(5)
تفسير القرطبي: 92/ 5.