الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدينار يساوي اثني عشر درهماً، بدليل حديث عمر السابق، وأن رجلاً من بني عدي قتل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفاً (1). وعلى هذا:
الواجب من الإبل مئة، ومن الذهب ألف دينار (2)، ومن الفضة عشرة آلاف درهم عند الحنفية، واثنا عشر ألف درهم عند الجمهور، ومن البقر مئتا بقرة، ومن الغنم ألفان، ومن الحلل، أي الثياب مئتا حلة: إزار ورداء.
خامساً ـ تغليظ الدية وتخفيفها:
الدية إما مغلظة أو مخففة، وتجب الدية عند الحنفية في شبه العمد وفي الخطأ وفي شبه الخطأ وفي القتل بسبب، وفي العمد أيضاً إذا اشتمل القتل على شبهة: وهي الحالة التي يقتل فيها الأب ابنه. وقد تجب الدية في العمد برضا القاتل وولي الدم، أي عند التراضي عليها فيما إذا حصل عفو من ولي القتيل أو من بعض الأولياء، فيكون للباقي نصيبه من دية العمد.
ولا تتغلظ الدية إلا في حالة الوفاء بها بالإبل خاصة؛ لأن الشرع ورد بها، والمقدرات الشرعية لا تعرف إلا سماعاً ونقلاً من طريق الشرع، إذ لا مدخل للرأي فيها؛ فلا تتغلظ الدية في الدنانير والدراهم، بأن يُزاد على ألف دينار، أو على عشرة آلاف درهم (عند الحنفية).
وتتغلظ الدية في القتل العمد وفي شبه العمد عند الجمهور (3). وقال
(1) رواه أصحاب السنن الأربعة، عن ابن عباس.
(2)
الدينار: هو المثقال من الذهب، ويساوي 80،4 غم وهو المثقال العجمي.
(3)
البدائع: 256/ 7 وما بعدها، تبيين الحقائق: 126/ 6 وما بعدها، الدر المختار: 406/ 5 وما بعدها، تكملة فتح القدير: 251/ 8، 302، 304، مغني المحتاج: 53/ 4 - 55، المهذب: 195/ 2 وما بعدها، المغني: 764/ 7 - 766، كشاف القناع: 17/ 6 ومابعدها.
المالكية (1): تتغلظ الدية في القتل العمد إذا قبلها ولي الدم، وفي حالة قتل الوالد ولده.
وإذا غلظت الدية تجب مثلثة عند المالكية والشافعية ومحمد بن الحسن (أي ثلاثون حقه وثلاثون جَذَعة، وأربعون خَلِفة أي حاملاً، لخبرالترمذي بذلك). وهذا عند المالكية في حال قتل الأصل ولده، أما في القتل العمد إذا عفا ولي الدم، فتجب الدية عندهم مربعة، بحذف ابن اللبون من الأنواع الخمسة الواجبة في القتل الخطأ.
وتجب حينئذ مربعة، أي أرباعاً عند الحنفية ما عدا محمداً، والحنابلة (2):(خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة)(3).
وأما الدية المخففة في القتل الخطأ ونحوه، فتجب مخمسة، أي أخماساً باتفاق المذاهب (وهي عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة) وهذا رأي الحنفية والحنابلة، بدليل ما روى ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض» (4) ولأن ابن اللبون يجب على طريق البدل عن ابنة المخاض في الزكاة إذا
(1) الشرح الكبير للدردير: 266/ 4 وما بعدها، 282، بداية المجتهد: 401/ 2 وما بعدها، الشرح الصغير: 373/ 4.
(2)
المراجع السابقة.
(3)
بنت المخاض: هي التي طعنت في السنة الثانية، وبنت اللبون في الثالثة، والحقة في الرابعة، والجذعة في الخامسة.
(4)
رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والبزار والبيهقي إلا أن الدارقطني قال: «عشرون بني لبون» مكان قوله «عشرون ابن مخاض» .
لم يجدها، فلا يجمع بين البدل والمبدل في واجب واحد (1).
وجعل المالكية والشافعية (2) مكان (بني المخاض): (بني اللبون) بدليل ما روى الدارقطني وسعيد بن منصور، في سننهما عن النَّخعي عن ابن مسعود، وقال الخطابي: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى الذي قتل بخيبر بمئة من إبل الصدقة، وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض.
وتغلظ عند الشافعية والحنابلة (3) دية القتل الخطأ في النفس والجراح في حالات ثلاث:
1 -
إذا حدث القتل في حرم مكة، تحقيقاً للأمن.
2 -
أو حدث في الأشهر الحرم: وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب.
3 -
أو قتل القاتل قريباً له ذا رحم محرم، كالأم والأخت.
وعلى هذا الرأي تغلظ الدية بأحد أسباب خمسة: كون القتل عمداً، أو شبه عمد، أو في الحرم، أو الأشهر الحرم، أو لذي رحم محرم.
والدليل على تربيع (4) الدية المغلظة عند الحنفية ما عدا محمداً، وعند الحنابلة: هو ما رواه الزهري عن السائب بن يزيد، قال: كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعاً: «خمساً وعشرين جذعة، وخمساً وعشرين حقة، وخمساً وعشرين بنت لبون، وخمساً وعشرين بنت مخاض» وقضى بذلك ابن مسعود،
(1) البدائع: 254/ 7، المغني: 769/ 7، 771.
(2)
بداية المجتهد: 402/ 2، مغني المحتاج: 54/ 4.
(3)
مغني المحتاج: 54/ 4، المغني: 772/ 7، المهذب: 196/ 2.
(4)
أي كونها تؤخذ أرباعاً.
ولأن الدية حق يتعلق بجنس الحيوان، فلا يعتبر فيه الحمل في بعضها، كالزكاة والأضحية (1).
وأما دليل المالكية والشافعية ومحمد بن الحسن في تثليث (2) الدية المغلظة، فهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من قَتَل متعمداً، دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خَلِفة، وما صولحوا عليه فهو لهم» (3) وذلك لتشديد القتل.
وحديث آخر عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ألا إن في قتيل عمد الخطأ، قتيل السوط والعصا مائة من الإبل، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها» (4).
والخلاصة: أن دية العمد تغلظ عند الجمهور بتخصيصها بالجاني، وتعجيلها عليه، أي كونها حالَّة عند غير الحنفية، وتربيعها في رأي الحنفية والحنابلة، وتثليثها في رأي عند المالكية والشافعية.
ودية شبه العمد: تخفف من ناحيتين (وهما فرض الدية على العاقلة، والتأجيل بثلاث سنين) وتغلظ من ناحية واحدة: وهي التربيع في رأي، والتثليث في رأي آخر.
ودية الخطأ: تخفف من نواح ثلاث: إلزام العاقلة بها، والتأجيل ثلاث سنين، وتخميسها.
(1) المغني: 766/ 7، البدائع: 254/ 7.
(2)
أي كونها أثلاثاً.
(3)
رواه الترمذي وقال: هو حديث حسن غريب.
(4)
رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني (راجع نيل الأوطار: 21/ 7). هذا
…
وإن كان البحث هنا في دية العمد، لكني استطردت فيه لبيان أحوال الديات الأخرى تجميعاً لشتات البحث.