الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو يوسف: الدعوى في الإقرار بالسرقة ليست بشرط لوجوب القطع؛ لأن الإنسان غير متهم على نفسه (1).
المبحث الرابع ـ ما يسقط الحد بعد وجوبه:
يسقط الحد بأنواع هي (2):
1 -
تكذيب المسروق منه السارق في إقراره بالسرقة، بأن يقول له: لم تسرق مني.
2 -
تكذيب المسروق منه بينته، بأن يقول: شهد شهودي بزور.
3 -
رجوع السارق عن الإقرار بالسرقة، فلا يقطع، ويضمن المال؛ لأن الرجوع عن الإقرار يقبل في الحدود، ولا يقبل في المال؛ لأنه يورث شبهة في الإقرار، والحد يسقط بالشبهة، ولا يسقط المال.
4 -
رد السارق المسروق إلى مالكه قبل المرافعة في السرقة عند أبي حنيفة ومحمد، وإحدى الروايتين عن أبي يوسف. وفي رواية أخرى عنه: إن الرد قبل المرافعة لا يسقط الحد؛ لأن السرقة انعقدت موجبة للقطع، فرد المسروق بعدئذ لا يخل بالسرقة الموجودة.
ودليل الطرفين: أن الخصومة شرط لظهور السرقة عند القاضي، ولما رد المسروق على المالك، فقد بطلت الخصومة، بخلاف ما بعد المرافعة؛ لأن المطلوب هو وجود الخصومة لا استمرارها. وعلى هذا، رد المسروق بعد المرافعة وسماع البينة: لا يسقط القطع، سواء أكان الرد قبل القضاء أم بعده.
(1) المراجع السابقة عند الحنفية، المبسوط: 182/ 9، المهذب: 282/ 2، القوانين الفقهية: ص 361، غاية المنتهى: 342/ 3.
(2)
البدائع: 88/ 7 وما بعدها، فتح القدير: 255/ 4 وما بعدها، تبيين الحقائق: 229/ 3 وما بعدها.
5 -
ملك السارق المال المسروق قبل رفع الأمر إلى القضاء بلا خلاف، فإن ملكه بعدئذ قبل إمضاء الحكم، فاختلف فيه الفقهاء: فقال أبو حنيفة ومحمد: يسقط الحد، كما إذا وهب أو باع المسروق منه المال المسروق للسارق قبل القضاء أو بعده قبل إصدار الحكم.
وقال أبو يوسف والشافعي وأحمد ومالك: إذا وهبه بعد القضاء، أي بعد ما رفع إلى الحاكم، لم يسقط القطع، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في سارق رداء صفوان أن تقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فهلا قبل أن تأتيني به؟» (1).
ودليل الطرفين: أن الملك في الهبة يثبت من وقت القبض، فيظهر الملك له من ذلك الوقت، أي أن له أثراً رجعياً. وكون المسروق ملكاً للسارق على الحقيقة أو مع الشبهة، يمنع من القطع، ولهذا لم يقطع قبل القضاء، فكذلك بعده؛ لأن القضاء في باب الحدود إمضاؤها، فما لم يمض الحد (أي ينفَّذ فعلاً بأن يقام على المحدود) فكأنه لم يقض. ولو كان لم يقض لا يقطع، فكذلك إذا لم يمض، أي لم ينفَّذ الحد، والمعنى أنهم اعتبروا الحد قبل استيفائه، كما لو كان قبل القضاء به.
زراعة عضو استؤصل في حد: تقدمت ببحث إلى مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام 1410 هـ1990/م في دورته السادسة مفاده عدم جواز إعادة العضو المقطوع في حال القصاص، بعملية جراحية، مراعاة لمصلحة المقتص له، وكذلك عدم جواز إعادة العضو المقطوع في حد من الحدود الخالصة للعبد، ورأيت جواز إعادة العضو إذا ثبت الجرم بالإقرار؛ لجواز الرجوع عنه، وكذلك إذا ثبت الجرم
(1) المهذب: 282/ 2، البدائع، المرجع السابق: ص 89، غاية المنتهى: 337/ 3، المنتقى على الموطأ: 162/ 7، والحديث رواه أصحاب السنن من حديث ابن عباس.
بالشهادة في حقوق الله تعالى كحد السرقة والحرابة والزنى والردة، إذا تاب المحدود، وكانت حالات الإعادة قليلة أو نادرة، حتى لا يتجرأ الجناة على الجرائم والفواحش، ثم وافقت على قرار المجمع المذكور بعدم الجواز، حتى لا يتخذ تطبيق الحد عبثاً أو مجالاً للتلاعب والبعد عن الجدية، ولإبقاء آثار تطبيق الحد لزجر المحدود وبقية الناس، وأذكر هنا نص قرار المجمع رقم (6/ 9/60):
1 -
لا يجوز شرعاً إعادة العضو المقطوع تنفيذاً للحد؛ لأن في بقاء أثر الحد تحقيقاً كاملاً للعقوبة المقررة شرعاً، ومنعاً للتهاون في استيفائها، وتفادياً لمصادمة حكم الشرع في الظاهر.
2 -
بما أن القصاص قد شرع لإقامة العدل وإنصاف المجني عليه، وصون حق الحياة للمجتمع، وتوفير الأمن والاستقرار، فإنه لا يجوز إعادة عضو استؤصل تنفيذاً للقصاص إلا في الحالات التالية:
أـ أن يأذن المجني عليه بعد تنفيذ القصاص بإعادة العضو المقطوع.
ب ـ أن يكون المجني عليه قد تمكن من إعادة العضو المقطوع منه.
3 -
يجوز إعادة العضو الذي استؤصل في حد أو قصاص بسبب خطأ في الحكم أو في التنفيذ.