الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرابة. ويؤيده اقتصاص الحسن لأبيه علي من ابن ملجم، وكان في ورثة علي كرم الله وجهه صغار.
وأما الغائب فينتظر عودته لاحتمال عفوه حال غيبته، فتقع الشبهة، ولا قصاص مع الشبهة، بعكس الصغير؛ لأن العفو من الصغير ميئوس منه حال استيفاء القصاص؛ لأنه ليس من أهل العفو. وانتظار الغائب عند المالكية هو في حال الغيبة القريبة، بحيث تصل إلىه الأخبار إن أراد الحاضر القصاص. أما في حال الغيبة البعيدة بحيث يتعذر وصول الخبر إليه كأسير ومفقود فلا ينتظر.
وللأب والجد عند الحنفية والمالكية استيفاء القصاص عن الصغير، وأضاف المالكية دون الحنفية تلك الولاية للوصي أيضاً.
وقال الصاحبان والشافعية والحنابلة (1): ليس لبعض أولياء القتيل استيفاء القصاص إلا بإذن الباقين، فإن كان فيهم صغير ينتظر بلوغه، أو مجنون تنتظر إفاقته، أو غائب ينتظر قدومه؛ لأن القصاص حق مشترك بينهم، ولا يملك أحدهم إبطال حق غيره، فيؤخر إلى وقت كمال القاصر، كما يؤخذ لعودة الغائب.
وليس للولي أباً أو جداً، ولا للوصي ولا للحاكم استيفاء القصاص للصغير أو المجنون؛ لأن القصد من القصاص هو التشفي، وترك الغيظ، ولايحصل المقصود باستيفاء الأب أو غيره، بخلاف الدية، فإن الغرض يحصل باستيفائه.
تاسعاً ـ كيفية استيفاء القصاص (أداة القصاص):
هناك رأيان في الفقه في كيفية القصاص.
(1) تكملة فتح القدير: 265/ 8، مغني المحتاج: 40/ 4، المغني: 740/ 7 وما بعدها، كشاف القناع: 621/ 5.
1 -
قال الحنفية، والأصح عن الحنابلة (1): لا يكون القصاص في النفس إلا بالسيف (2)، سواء أكان ارتكاب جريمة القتل بالسيف ونحوه، أم بمحرم لذاته كسحر وتجريع خمر ولواط، أم بمثقل كحجر وعصا، أم بتغريق أم تحريق أم هدم حائط عليه، أم حبس أم خنق أم قطع عضو ثم ضرب عنقه، أم جنى عليه جناية غير ما ذكر فمات، وتوافرت شروط القصاص بحسب كل مذهب، على ما بان، فمن له قود قاد بالسيف، ولا يفعل بالمقتص منه كما فعل إذا كان القتل بغير السيف لأنه مُثْلة، وقد نهي عن المثلة، ولأن فيه زيادة تعذيب، لكن لو قام ولي الدم بإلقاء الجاني في بئر، أو قتله بحجر، أو بنوع آخر عزر، وكان مستوفياً حقه في القصاص.
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا قَود إلا بالسيف» (3).
2 -
وقال المالكية والشافعية (4): يقتل القاتل بالقِتْلة التي قتل بها، أي بمثل الفعل الذي فعله بالقتيل، من ضربه بمحدد كحديد أو سيف، أو بمثقل كحجر، أو رمي من شاهق، أو خنق أو تجويع أو تغريق أو تحريق أو غيرها. لكن إن عدل الولي عن هذه الوسائل إلى السيف، جاز بل هو أولى للخروج من الخلاف.
ويتعين السيف عند هؤلاء إذا كان القتل بسحر أو خمر، أو لواط؛ لأن هذا محرم لعينه، فوجب العدول عنه إلى القتل بالسيف.
(1) البدائع: 245/ 7، الدر المختار: 382/ 5، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: 98/ 6، كشاف القناع: 628/ 5، المغني: 685/ 7، 688.
(2)
قال الحنفية: المراد بالسيف: السلاح.
(3)
رواه ابن ماجه والبزار في مسنده، وقال: لا نعلم أحداً أسنده بأحسن من هذا الإسناد، ورواه ابن ماجه والبيهقي والدارقطني عن النعمان بن بشير من غير طريق، وقال أحمد: ليس إسناده بجيد.
(4)
بداية المجتهد: 396/ 2 وما بعدها، الشرح الكبير للدردير: 265/ 4، مغني المحتاج: 44/ 4، المهذب: 186/ 2، القوانين الفقهية لابن جزي: ص 345، الشرح الصغير: 369/ 4 وما بعدها.