الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثل رجل عامد وصبي، أو عامد ومجنون، إن تمالآ على قتله، فعلى العامد القصاص، وعلى عاقلة المخطئ والمجنون والصبي نصف الدية؛ لأن عمد الصبي كخطئه، رعاية للمصلحة وصيانة للدماء، فكأن كل واحد منهما انفرد بالجريمة.
فإن لم يتمالأا على قتله، وتعمد الاثنان قتل المجني عليه أوتعمد الكبير، فعلى الكبير نصف الدية في ماله، وعلى عاقلة الصبي نصفها أي كما قال الحنفية. فإن قتلاه خطأ، أو أخطأ الكبير، فعلى عاقلة كل منهما نصف الدية. وفي حالة عدم التمالؤ هناك قولان عند المالكية في أربع مسائل: هي شريك سبع، وشريك جارح نفسه جرحاً يعقبه الموت غالباً، ثم ضربه كبير قاصداً قتله، وشريك حربي، وشريك مرض بعد الجرح، بأن جرح شخص غيره، ثم حصل للمجروح مرض ينشأ عنه الموت غالباً. ثم مات، ولم يدر، أمات من الجرح أو من المرض.
والقولان هما: قول بعدم القصاص من الشريك، ولكن على الشريك نصف الدية في ماله، ويضرب مئة، ويحبس عاماً، وقول بالقصاص. والراجح في شريك المرض القصاص في حالة القتل العمد، والدية في الخطأ. ولكن بعد حلف أيمان القسامة الخمسين. وأما المسائل الثلاث الباقية فالقولان فيها على حد سواء. ولعل رأي المالكية أرجح الآراء صوناً للدماء.
5 - الإلقاء في مهلكة:
إذا جمع شخص بين إنسان وبين أسد أونمر في مكان ضيق كزُبية (1) ونحوها، أوأمام كلب فينهشه، أو يرمي عليه حية أوعقرباً فتلدغه، فهل يعتبر فعله قتلاً عمداً، فيسأل عنه، أو لا يسأل عنه؟ هناك آراء ثلاثة في المذاهب.
(1) زبية الأسد: حفرة تحفر له شبه البئر، أو حفرة في مكان عال يصاد فيها الأسد.
قال الحنفية (1): لا قود فيه ولا دية، وإنما يعزر ويضرب ويحبس إلى أن يموت. ويروى عن أبي حنيفة أن عليه الدية. وإن فعل ذلك بصبي فعليه الدية.
وإن ربط صبياً وألقاه في الشمس أو البرد حتى مات، فعلى عاقلته الدية.
وقال المالكية (2): الفعل العدوان في هذه الحالة قتل عمد فيه القود، سواء أكان فعل الحيوان بالإنسان مما يقتل غالباً كالنهش، أم مما لا يقتل غالباً ومات الآدمي من الخوف. ولا يقبل الادعاء بأنه قصد بفعله اللعب. وكذلك قال الحنابلة (3): الفعل قتل عمد موجب للقصاص إن فعل الحيوان المفترس أو المتوحش بالإنسان ما يقتل به غالباً، أو فعل به فعلاً يقتل مثله. فإن فعل به فعلاً لو فعله الآدمي لم يكن قتلاً عمداً، لم يجب القصاص به؛ لأن السبع صار آلة للآدمي، فكان فعله كفعله.
وعلى هذا، إن ألقاه مكتوفاً بين يدي أسد أو نمر، فقتله، فهو عمد. وكذا إن جمع بينه وبين حية في مكان ضيق، فنهشته، فقتلته، فهو عمد. ولو لسعه عقرب من القواتل، فهو عمد. ورأي المالكية والحنابلة أولى في تقديري.
وقال الشافعية (4): إن جمع بين شخص وبين السبع في زُبية أو بيت صغير ضيق، أو أغراه به، أو أمسكه وعرضه لمجنون فقتله، وجب عليه القود؛ لأن السبع يقتل إذا اجتمع مع الآدمي في موضع ضيق. أما إن كتّف رجلاً وطرحه في أرض مسبعة أو بين يدي سبع (أي في مكان واسع مثل البرية) فقتله، لم يجب القود؛ لأنه سبب غير ملجئ.
(1) الدر المختار: 386/ 5.
(2)
الشرح الكبير للدردير: 244/ 4.
(3)
المغني: 641/ 7 ومابعدها، كشاف القناع: 589/ 5 وما بعدها.
(4)
نهاية المحتاج للرملي: 14/ 7، المهذب: 176/ 2، مغني المحتاج: 9/ 4.