الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
إن الحد كفارة، فلم يسقط بالتوبة ككفارة اليمين والقتل، ولو جاز إسقاط الحد بالتوبة، لتمكّن كل مجرم من إسقاط العقوبة عنه بادعاء التوبة، وفي ذلك تشجيع على الإجرام والفساد.
4 -
لا تقاس الحدود على حد الحرابة لأن مرتكبها مقدور عليه، فلا تسقط التوبة عنه الحد المقرر، كالمحارب بعد القدرة عليه.
الرأي الثاني:
قال الحنابلة في الأرجح عندهم (1) والشيعة الإمامية (2) وبعض علماء الحنفية (3) والمالكية (4) والشافعية (5) والزيدية (6): إن التوبة تسقط حد الزنا والسرقة وشرب الخمر عن العصاة من غير اشتراط مضي زمان قبل رفع الأمر إلى الحاكم أو قبل القدرة عليهم أو قبل البينة وثبوت الحد عليهم، واستدلوا بما يأتي:
(1) المغني: 296/ 8، غاية المنتهى: 345/ 3، قال ابن تيمية في فتاويه: 253/ 4 من وجب عليه حد الزنا أو السرقة أو شرب الخمر فتاب قبل أن يرفع إلى الإمام، فالصحيح أن الحد يسقط عنه كما يسقط عن المحاربين بالإجماع إذا تابوا قبل القدرة.
(2)
قال الطوسي: كل من وجب عليه حد من حدود الله من شرب الخمر أو الزنا أو السرقة من غير المحاربين ثم تاب من قبل قيام البينة عليه بذلك فإنها بالتوبة تسقط (الخلاف في الفقه: 482/ 2، المختصر النافع في فقه الإمامية: ص 297 - 303).
(3)
قال ابن عابدين من الحنفية: الظاهر أن التوبة لا تسقط الحد الثابت عند الحاكم بعد الرفع إليه، أما قبله فيسقط الحد بالتوبة حتى في قطاع الطرق، سواء كان قبل جنايتهم على نفس أو عضو أو مال أو كان بعد شيء من ذلك. ونقل عن شرح الأشباه: إذا تاب شارب الخمر توبة نصوحاً أرجو ألا يحد في الآخرة، فإنه لا يكون أكثر من الكفر والردة، وإنه يزول بالإسلام والتوبة (رد المحتار: 154/ 3).
(4)
الفروق للقرافي: 181/ 4، قال فيه:(إن الحدود لا تسقط بالتوبة على الصحيح إلا الحرابة) مما يدل على وجود قول آخر بالسقوط.
(5)
للشافعي قول بأن هذه الحدود تسقط بالتوبة قياساً على حد المحاربة. لكن قال النووي لا تسقط سائر الحدود عدا حد الحرابة بالتوبة في الأظهر (مغني المحتاج: 184/ 4، تكملة المجموع: 343/ 18، المهذب: 285/ 2).
(6)
جاء في كتاب الوافي في الفقه عند الزيدية: يسقط حد الزنا بالتوبة لخبر ماعز (البحر الزخار: 158/ 5).
1 -
ثبت في صحيحي البخاري ومسلم من حديث أنس قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً فأقمه علي، قال: ولم يسأله عنه فحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، قام إليه الرجل، فأعاد قوله، قال: أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم، قال: فإن الله عز وجل قد غفر لك ذنبك» ففي هذا دليل على أن التائب غفر الله له، ولم يكن بحاجة لإقامة الحد عليه مادام أنه اعترف به.
2 -
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» ومن لا ذنب له لا حد عليه. وقال في ما عز لما أخبر بهربه: «هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه؟» وإقامة الحد عليه بالرغم من توبته تجاوب مع ما اختاره بنفسه كما اختارته المرأة الغامدية، قال ابن تيمية: إن الحد مطهر، وإن التوبة مطهرة، وهما اختارا التطهير بالحد على التطهير بمجرد التوبة وأبيا إلا أن يطهرا بالحد، فأجابهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك (1).
3 -
صرح القرآن الكريم بإسقاط حد الزنا بالتوبة في قوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما، فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} [النساء:16/ 4] وبإسقاط حد السرقة أيضاً في قوله سبحانه: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح، فإن الله يتوب عليه} [المائدة:39/ 5].
4 -
لا فرق بين حد الحرابة وبقية الحدود، فإذا أسقطت التوبة حد الحرابة مع شدة ضررها وتعدي المحارب، فلأن تدفع التوبة ما دون حد الحراب بطريق الأولى والأحرى، وقد قال الله تعالى:{قل للذين كفروا: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال:38/ 8].
(1) أعلام الموقعين: 79/ 2.