الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطنة المشروع للتقويم والتهذيب: ظاهر كلام أحمد رحمه الله تعالى: أنه يسقط؛ لأنه لم يفرق، ويحتمل ألا يسقط للتهذيب والتقويم (1).
4) ـ عفو المقتول عمداً عن دمه قبل موته:
إذا عفا المقتول عن القاتل قبل موته، فقال الحنفية والشافعية والحنابلة (2): يسقط القصاص عن القاتل، ولا تجب الدية لورثة المقتول من بعده، أي لا قصاص فيه ولا دية، وإنما هو هدر، للإذن فيه؛ لأن المقتول أسقط حقه باختياره، وقال تعالى:{فمن تصدق به فهو كفارة له} [المائدة:45/ 5] أي المقتول يتصدق بدمه، في حال إصابته قبل موته.
وقال المالكية (3): لو قال المقتول لقاتله: إن قتلتني أبرأتك، أو قال له بعد جرحه قبل إنفاذ مقتله: أبرأتك من دمي، فلا يبرأ القاتل، بل للولي القود؛ لأنه أسقط حقاً قبل وجوبه. أما لو أبرأه بعد إنفاذ مقتله، أو قال له: إن مت فقد أبرأتك، فإنه يبرأ؛ لأنه أسقط شيئاً بعد وجوبه. ويشترط أن يكون هذا القول بالإبراء بعد إنفاذ مقتله.
أما عفو المقتول خطأ عن الدية، فينفذ في المذاهب من ثلث ماله (4).
3 - الصلح:
يجوز الصلح على القصاص باتفاق الفقهاء، ويسقط به القصاص، سواء أكان الصلح بأكثر من الدية أم بمثلها أم بأقل منها (5)، وسواء أكان حالاً أم مؤجلاً،
(1) انظر كتابنا نظرية الضمان: ص 309 - 311، المسؤولية المدنية والجنائية للشيخ محمود شلتوت: ص51 وما بعدها.
(2)
البدائع: 249/ 7، مغني المحتاج: 50/ 4، المغني: 750/ 7.
(3)
الشرح الكبير للدردير: 240/ 4، فتح العلي المالك: 322/ 1.
(4)
البدائع: 249/ 7.
(5)
يجوز لأبي المعتوه الصلح على الدية بالأكثر والمساوي، ولا يجوز بالأقل منها (الدر المختار: 382/ 5).
ومن جنس الدية، ومن خلاف جنسها بشرط قبول الجاني؛ لأن القصاص ليس مالاً (1). أما الصلح على الدية فلا يجوز بأكثر من الدية، حتى لا يقع المتصالحان في الربا.
والصلح يختص بالإسقاط بمقابل. أما العفو فقد يقع مجاناً أو في مقابل مال، لكن إن وقع العفو عن القصاص على الدية، اعتبر عند الحنفية والمالكية صلحاً لا عفواً، ويسمى أيضاً عند الشافعية والحنابلة عفواً بمقابل.
وقد رغب الشرع في الصلح عموماً في قوله تعالى: {والصلح خير} [النساء:128/ 4] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» (2). ودلت السنة على مشروعية الصلح في الدماء لإسقاط القصاص، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«من قَتَل عمداً، دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية: ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خَلِفة (3)، وما صولحوا عليه فهو لهم» (4) وذلك لتشديد حرمة القتل.
وحكم الصلح: هو حكم العفو، فمن يملك العفو يملك الصلح، وأثر الصلح كأثر العفو في إسقاط القصاص، وإذا تعدد الأولياء، وصالح أحدهم الجاني على مال، سقط القصاص، وبقي حق الآخرين في المال. وإذا بادر أحد الأولياء بقتل الجاني بعد الصلح، فهو قاتل له عمداً، لكنه لا قصاص عليه عند الحنفية ما عدا زفر. وعليه القصاص عند الشافعية والحنابلة.
(1) الدر المختار: 394/ 5، الشرح الكبير للدردير: 263/ 4، الشرح الصغير للدردير: 368/ 4، مغني المحتاج: 49/ 4، كشاف القناع: 634/ 5.
(2)
رواه أبو داود والحاكم وابن حبان وصححه عن أبي هريرة، ورواه الترمذي وابن ماجه والحاكم عن عمرو بن عوف.
(3)
الحقة: هي الناقة التي طعنت في السنة الرابعة، والجذعة: هي التي طعنت في الخامسة، والخلفة: هي الحامل.
(4)
رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.