الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعتبر كالضرب: الإحراق أو التغريق أو الخنق أو التسميم، أو منع الطعام أو الشراب، سواء قصد الموت أم مجرد التعذيب.
فإن كان الضرب على وجه اللعب أو التأديب، فهو قتل خطأ، إن كان بنحو قضيب (أي عصا)، لا بنحو سيف، وكما لو سقط على غيره فقتله، أو رمى صيداً فأصاب إنساناً.
وهذا في غير الأب، وأما الأب فلا يقتل بولده، ما لم يقصد إزهاق روحه، كأن يضجعه ويذبحه.
وبه يتبين أن القتل عند مالك نوعان فقط كما بان سابقاً: عمد، وخطأ، وليس هناك ما يسمى (شبه العمد) فقد أنكره مالك، وقال:«ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ، فأما شبه العمد فلا يعمل به عندنا» وجعله من قسم العمد.
الأفعال المكونة للقتل العمد:
القتل العمد الموجب للقصاص في الجملة، مع اختلاف الفقهاء في بعض أنواعه: هو تسعة أقسام (1)، أبحثها هنا، مع بيان الرأي الأرجح في عصرنا الحاضر.
1 - القتل بمحدد:
المحدد: هو كل آلة جارحة أوطاعنة لها مور في البدن، أي تفرق أجزء الجسد، مثل الأسلحة النارية الحديثة المختلفة، والسلاح الأبيض، والأخشاب والأحجار المحددة والزجاج والعظم ونحوها.
ويكاد يكون هناك اتفاق بين الفقهاء على أن القتل بالمحدد هو قتل عمد
(1) راجع كشاف القناع: 587/ 5 وما بعدها، المغني: 637/ 7 - 646.
موجب للقصاص، مع ملاحظة ضوابط المذاهب في بيان ما يوجب القصاص، على ما بان في المبحث السابق.
- الحنفية اشترطوا أن تكون قاتلة غالباً ومعدة للقتل.
- واكتفى الشافعية والحنابلة بأن تكون الآلة محددة، ولم يشترطوا غلبة الظن في حصول القتل بها.
ولم يشترط المالكية شيئاً في آلة القتل، وإنما يكفي وجود العدوان.
وبناء عليه: إذا أحدث الجاني جرحاً كبيراً، فهوقتل عمد بالاتفاق، وإن أحدث جرحاً صغيراً في مقتل كالعين والقلب والخاصرة، باستعمال إبرة أوشوكة، فهو قتل عمد اتفاقاً.
وإن استعمل الإبرة في غير مقتل كفخذ وألية فهو شبه عمد عند الحنفية؛ لأن الإبرة معدة للخياطة، ولا تستعمل في القتل عادة (1)،وعمد عند الشافعية (2) إن تورم محل الغرز وتألم، واستمر الأمران حتى مات. فإن لم يظهر للغرز أثر، بأن لم يشتد الألم، ومات في الحال، فهو قتل شبه عمد، وقيل: هو عمد. ويعد الغرز عند الحنابلة (3) في غير مقتل قتل عمد إن بالغ الجاني في إدخال الإبرة في البدن؛ لأن هذا يشتد ألمه ويفضي إلى القتل. وكذا إن كان الغور يسيراً، أو الجرح لطيفاً، واستمر حتى مات يكون عمداً فيه القود. وإن مات في الحال ففيه وجهان: أحدهما - لا قصاص فيه، والثاني - فيه القصاص، وبه يظهر أن مذهبي الشافعية والحنابلة متفقان في حال استعمال الإبرة.
(1) رد المحتار: 375/ 5.
(2)
مغني المحتاج: 4/ 4 - 5.
(3)
المغني: 637/ 7 - 638.