الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون يمين (1)، وقبل الإمام مالك شهادة الصبيان على بعضهم في الجراح (2) عملاً بالمصلحة المرسلة أو إجماع أهل المدينة.
واقتصر الشافعية والحنابلة (3) على إثبات جريمة التعزير بما تثبت به جريمة القصاص، وهو شهادة رجلين عدلين؛ لأن العقوبة البدنية خطيرة، فيحتاط فيها بقدر الإمكان، فلا تثبت به بما تثبت به الأموال من شهادة رجل وامرأتين أو شهادة رجل ويمين المدعي.
3ً -
جرائم التعزير المالي كالدية أو الغرامة:
تثبت هذه الجريمة في المذاهب الأربعة (4) بما تثبت به الحقوق المالية كشهادة رجلين أو رجل وامرأتين؛ لأنه يقصد بها المال. وأجاز غيرا لحنفية إثباته أيضاً بشاهد ويمين المجني عليه. وأضاف المالكية إمكان إثباتها بامرأتين ويمين المدعي، ولم يجز الحنفية مطلقاً مبدأ قبول شاهد ويمين، ولا يمين وامرأتين، عملاً بما اقتصر عليه النص القرآني في قوله تعالى:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان} [البقرة:282/ 2] فمن زاد على ذلك فقد زاد على النص، والزيادة على النص نسخ، والنسخ لا يكون إلا بنص مشابه.
ثالثاً ـ القرائن:
القرينة: هي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً، فتدل عليه. ومنه يفهم أنه لا بد في القرينة من تحقق أمرين:
(1) تبصرة الحكام: 260/ 1 ومابعدها.
(2)
الاعتصام للشاطبي: 115/ 2 ومابعدها، كتابنا الوسيط في أصول الفقه: ص 364، ط ثالثة.
(3)
المراجع السابقة.
(4)
المراجع السابقة، المغني: 98/ 8.
1 -
أن يوجد أمر ظاهر معروف يصلح أساساً للاعتماد عليه.
2 -
أن توجد صلة تربط بين الأمر الظاهر والأمر الخفي.
ولا يحكم عند جمهور الفقهاء بالقرائن في الحدود؛ لأنها تدرأ بالشبهات، ولا في القصاص إلا في القسامة للاحتياط في أمر الدماء وإزهاق النفوس، بالاعتماد على وجود القتيل في محلة المتهمين عند من لا يشترط قرينة اللوث (العداوة الظاهرة) أو بالاعتماد على مجرد اللوث عند من يشترطه. ويحكم بها في نطاق المعاملات المالية والأحوال الشخصية عند عدم وجود بينة في إثبات الحقوق الناشئة عنها، ولكنها تقبل إثبات العكس بأدلة أخرى.
وأخذ بعض الفقهاء كابن فرحون المالكي وابن القيم الحنبلي (1) بالقرائن أحياناً مع التحفظ والحذر، ولو في نطاق الحدود، وصار ذلك مذهب المالكية والحنابلة، مثل إثبات الزنا بالحمل، وإثبات شرب الخمر بظهور رائحتها من فم المتهم، وثبوت السرقة بوجود المسروق في حيازة المتهم، ورد المسروقات أو الوديعة أو اللقطة لمن يصفها بعلامات مميزة. ونحوه كثير في إثبات الحق والملكية والأهلية والولادة.
واعتبر الحنفية القرينة القطعية (2) بينة نهائية كافية للقضاء بها، كما لو رئي شخص مدهوشاً ملطخاً بالدم، ومعه سكين ملوثة بالدم، بجوار مضرج بدمائه في مكان، فيعتبر هو القاتل (م/1741 من المجلة). أما القرينة غير القطعية الدلالة ولكنها ظنية أغلبية، ومنها القرائن العرفية، أو المستنبطة من وقائع الدعوى
(1) تبصرة الحكام: 312/ 1، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: ص 97 وما بعدها، 214 وما بعدها.
(2)
عرفت المجلة القرينة القاطعة: بأنها الأمارة البالغة حد اليقين (م/1741).