الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جداً، مما يجعل احتمال تطبيق الحد نادراً، كفيل بمنع هذه الجرائم الخطيرة، والواقع أصدق شاهد في البلاد التي تطبق فيها الحدود كالسعودية.
وجرائم الحدود عند الجمهور ثمانٍ: هي الزنا، والقذف، وشرب المسكر، والسرقة، والحرابة، والبغي، والردة، والقتل العمد الموجب للقصاص، على أساس أن عقوباتها جميعاً مقدرة شرعاً. وقال ابن جزي المالكي: الجنايات أي الجرائم الموجبة للعقوبة ثلاث عشرة: وهي القتل والجرح، والزنا، والقذف، وشرب الخمر ـ علماً بأن كل مسكر خمر ـ والسرقة، والبغي، والحرابة، والردة، والزندقة، وسب الله، وسب الأنبياء والملائكة، وعمل السحر، وترك الصلاة والصيام (1).
وزيادة العدد في تقدير ابن جزي منشؤه ضم عقوبات تعزيرية ليس منصوصاً عليها صراحة في القرآن والسنة، وإنما باجتهاد الفقهاء إجماعاً، أو بالأكثرية، علماً بأن العقوبة واحدة وهي القتل في القصاص، وفي الزندقة والسب والسحر وترك الصلاة والصيام.
2 - التعزيرات:
وهي العقوبات غير المقدرة شرعاً، وإنما فوض الشرع النظر في نوعها ومقدارها إلى ولي الأمر (الدولة) لمعاقبة المجرم بما يكافئ جريمته، ويقمع عدوانه، ويحقق الزجروالإصلاح، ويراعي أحوال الشخص والزمان والمكان والتطور، وذلك يختلف باختلاف درجة الرقي وتحضر المجتمعات، وتهذيب الجماعات وأحوال الناس في مختلف الأزمنة والأمكنة.
وأغلب العقوبات في القوانين الوضعية من قبيل التعزير، لأنها مجرد تنظيم
(1) القوانين الفقهية: ص 344، ط فاس.
يراعى فيه ما يلائم الجريمة وحال المجرم للزجر والإصلاح والتقويم والتهذيب، وتحقيق الأمن والاستقرار.
والتعزير يكون في كل جريمة لا حد فيها ولا كفارة، سواء أكانت اعتداء على حق الله تعالى، كالأكل في نهار رمضان بغير عذر، وترك الصلاة في رأي الجمهور، والربا وطرح النجاسة وأنواع الأذى في طريق الناس، أم على حق الأفراد أو العباد، كتقبيل الأجنبية أو المفاخذة، وسرقة ما دون النصاب الشرعي (دينار أوعشرة دراهم في رأي الحنفية) والسرقة من غير حرز، وخيانة الأمانة، والرشوة، والقذف والسب والإيذاء بغير ألفاظ القذف.
قال ابن القيم: إن المعاصي ثلاثة أنواع: نوع فيه الحد ولا كفارة فيه، كالسرقة والشُّرب والزنا والقذف، فالحد فيه مغنٍ عن التعزير. ونوع فيه الكفارة ولا حد فيه كالوطء في نهار رمضان عند الشافعية والحنابلة بعكس الحنفية والمالكية، والوطء في الإحرام. ونوع ثالث لا حد فيه ولا كفارة، مثل قبلة الأجنبية والخلوة بها، ودخول الحمام بغير مئزر، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير، ونحو ذلك، وهذا النوع فيه التعزير، ولا يجوز للإمام تركه في قول الجمهور، وقال الشافعية: إنه راجع إلى اجتهاد الإمام في إقامته وتركه، كما يرجع إلى اجتهاده في قدره (1).
والعقوبات التعزيرية كالتوبيخ، والحبس، والضرب، والتغريم بالمال، والقتل سياسةً لمعتادي الإجرام وفي جرائم أمن الدولة والتجسس واللواط وسب النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك مما يراه الحاكم ولي الأمر رادعاً للشخص، بحسب اختلاف حالات الناس والزمان والمكان ودرجة الرقي والحضارة.
(1) أعلام الموقعين: 99/ 2.