الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - «المباشر ضامن وإن لم يتعمد» :
فمن باشر القتل بسلاح وجب عليه القصاص إذا كان القتل عمداً عدواناً. ومن باشر القتل بغير سلاح كحجر وخشب، أو أطلق عياراً نارياً إلى طائر فأصاب إنساناً، أو انقلب نائم على إنسان فقتله أو سقط من حائط على إنسان في الطريق فقتله، كان القتل شبه عمد في القتل بغير سلاح، وخطأ في الإطلاق على طائر، ومما جرى مجرى الخطأ في الوقوع على إنسان، ويجب عليه الدية (1) والأصح أن يقال في القاعدة:«وإن لم يتعدّ» .
2 - «إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر» :
يلزم المباشر بالضمان أو المسؤولية إذا كان هو المؤثر الأقوى في إحداث العدوان، وكان دور السبب ضعيفاً لا يعمل بانفراده في الهلاك. كمن حفر حفرة أو بئراً في الطريق العام دون إذن السلطات، وجاء آخر وأردى غيره (دفعه أو ألقاه) في البئر، أوألقى حيواناً فيها، ضمن المردي أو الدافع أو الملقي، ووجب عليه الدية أو التعويض، لأنه مباشر للتلف بالذات، وأما حافر البئر فهو متسبب فقط؛ لأن حفره البئر، وإن أفضى إلى التلف، لكنه لا ينفرد بالإتلاف ما لم يوجد الدفع الذي هو المباشر (2). ومثله من دل غيره على شخص فقتله المدلول كان الثاني عند أبي حنيفة هو المسؤول. ومثَّل الشافعية والحنابلة (3) لهذه القاعدة بمن أمسك شخصاً فقتله آخر أو
(1) مجمع الضمانات: ص 146 - 154، 161، 165، جامع الفصولين لابن قاضي سماوة: 113/ 2، 124 ومابعدها، الأشباه والنظائر لابن نجيم: 99/ 2، الدر المختار: 375/ 5 - 377.
(2)
البدائع: 275/ 7، المبسوط: 185/ 26، الدر المختار: 422/ 5، جامع الفصولين: 115/ 2، مجمع الضمانات: ص 153.
(3)
المهذب: 192/ 2 ومابعدها، مغني المحتاج: 8/ 4 ومابعدها، المغني: 684/ 7، كشاف القناع: 601/ 5.
حفر بئراً فرداه فيها آخر، أو ألقاه من شاهق، فتلقاه آخر فقدَّه (قطعه نصفين مثلاً قبل وصوله الأرض) فالقصاص على القاتل والمردي والقادّ فقط (1).
وبناء عليه لو أمسك رجل شخصاً ليقتله آخر، يضمن القاتل فقط عند الحنفية (2)، فيقتص منه إن قتله بسلاح؛ لأنه باشر القتل،، ويجب التعزير على الممسك من غير حبس.
وقال الشافعية، والراجح عند أحمد (3): يقتل القاتل، ويعزر الممسك عند الشافعية بحسب ما يرى الحاكم من المدة. وقال الحنابلة: يحبس الممسك حتى يموت، لقوله عليه السلام:«إذا أمسك الرجلُ الرجلَ، حتى جاء آخر، فقتله، قتل القاتل وحبس الممسك» (4) وقوله أيضاً: «إن من أعتى الناس على الله عز وجل: من قتل غير قاتله، أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام، أو بصَّر عينيه في النوم ما لم تبصره» (5).
(1) وهذا هو المعروف من الأفعال المؤثرة في زهوق الروح بالشرط، لأن الذي له دخل من الأفعال بالزهوق إما مباشرة: وهي ما يؤثر في الهلاك ويحصله بالذبح بسكين، وإما شرط: وهو مالا يؤثر في الهلاك ولا يحصله، بل يحصل التلف عنده بغيره، ويتوقف تأثير ذلك الغير عليه، كالحفر مع التردي، فإنه لا يؤثر في التلف ولا يحصله، وإنما التردي هو المحصل للتلف، لكن لولا الحفر لما حصل التلف، ولذا سمي شرطاً، ومثله الإمساك للقاتل. وإما سبب: وهو ما يؤثر في الهلاك ولا يحصله كشهادة الزور على بريء بالقتل، فإنها علة أو مؤثر في الحكم عليه بالإعدام، ولكنها لا تجلب بذاتها الإعدام، وإنما الذي يجلبه فعل الجلاد (مغني المحتاج: 6/ 4).
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 384/ 5، البدائع: 274/ 7.
(3)
مغني المحتاج: 8/ 4، المهذب: 176/ 2، المغني: 755/ 7.
(4)
رواه الدارقطني عن ابن عمر، وهو حديث مرسل، ورواه الشافعي من فعل علي. قال في بلوغ المرام: رجاله ثقات، وصححه ابن القطان.
(5)
رواه أحمد والدارقطني والطبراني والحاكم من حديث أبي شريح الخزاعي. ورواه آخرون عن عائشة، وابن عباس.