الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ بَرْشَاءَ (1)، أو كَسْحَاءَ (2) تَشَاؤُمًا مِنْهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ.
وكانُوا يَقْتُلُونَ البَنَاتِ، ويَئِدُونَهُنَّ بِقَسْوَةٍ نَادِرَةٍ في بَعْضِ الأَحْيَانِ، فَقَدْ يتأَخَّرُ وَأْدُ المَوْءُودَةِ لِسَفَرِ الوَالِدِ وشُغْلِهِ فَلَا يَئِدُهَا إلَّا وقَدْ كَبِرَتْ، وصَارَتْ تَعْقِلُ، وقَدْ حَكَوْا في ذَلِكَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مُبْكِيَاتٍ، وقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُلْقِي الأُنْثَى مِنْ شَاهِقٍ (3).
يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ حَالِهِمْ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا (4) وَهُوَ كَظِيمٌ (5) (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ (6) فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (7).
*
قَتْلُ الأَوْلَادِ خَشْيَةَ الفَقْرِ:
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْتُلُ أوْلَادَهُ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وخَوْفَ الفَقْرِ، وهُمُ الفُقَرَاءُ مِنْ بَعْضِ قَبائِلِ العَرَبِ، فكَانَ يَشْتَرِيهِمْ بَعْضُ سُرَاةِ (8) العَرَبِ وأشْرَافِهِمْ،
(1) الأبرَشُ: الأبْرَصُ. انظر لسان العرب (1/ 377).
(2)
الأكْسَحُ: الأعْرَجُ، والمُقْعَدُ أيضًا. انظر لسان العرب (12/ 89).
(3)
الشَّاهقُ: الجَبَلُ المُرْتَفِعُ. انظر لسان العرب (7/ 229).
(4)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 578): أي كئيبا مِنَ الهَمِّ.
(5)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 578): أي ساكتٌ مِنْ شِدَّةِ ما هُوَ فيه مِنَ الحُزْنِ.
(6)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 578): أي يَئِدَهَا، وهو أن يدفِنَهَا في التراب وهِيَ حَيَّة.
(7)
سورة النمل آية (58)(59).
(8)
سُرَاةُ: أي أشْرَافٌ. انظر النهاية (2/ 327).
فَصَعْصَعَةُ بنُ نَاجِيَةَ يقُولُ: جَاءَ الإِسْلَامُ وقَدْ فَدَيْتُ ثَلَاثَ مِائَةِ مَوْءُودَةٍ (1)
ومِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَنْذُرُ إِذَا بَلَغَ بَنُوهُ عَشَرَةً نَحَرَ وَاحِدًا مِنْهُمْ، كمَا فَعَلَ عَبْدُ المُطَّلِبِ جَدُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ سبحانه وتعالى مِنْ هَذَا الفِعْلِ، فقَالَ سُبْحَانَهُ:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ (2) نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ. . .} (3).
وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (4).
ورَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ! أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَنْ تَجْعَلَ للَّهِ نِدًّا (5)، وَهُوَ خَلقَكَ".
قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ .
قَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ".
قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ؟ .
(1) انظر الإصابة (3/ 347).
(2)
الإِمْلَاقُ: الفَقْرُ. انظر تفسير ابن كثير (3/ 362).
(3)
سورة الأنعام آية (151).
(4)
سورة الإسراء آية (31).
(5)
النِدُّ: بكسر النون وتشديد الدال، هو مِثْلُ الشَّيء الذي يُضَادُّهُ في أمُوره، ويريد بها ما كانوا يَتَّخِذُونَهُ آلهةً مِنْ دُونِ اللَّه تَعَالَى. انظر النهاية (5/ 30).