الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - قَبِيلَةُ عَبْسٍ:
رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ وَابِصَةَ العَبْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَازِلِنَا بِمِنًى، وَنَحْنُ نَازِلُونَ بِالجَمْرَةِ الأوْلَى التِي تَلِي مَسْجِدَ الخَيْفِ، وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا خَلْفَهُ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ، فَدَعَانَا، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَجَبْنَا لَهُ، وَلَا خَيْرَ لَنَا، قَالَ: وَقَدْ كُنَّا سَمِعْنَا بِهِ وَبِدُعَائِهِ فِي المَوْسِمِ، فَوَقَفَ عَلَيْنَا لَدْعُونَا، فَلَمْ نَسْتَجِبْ لَهُ، وَكَانَ مَعَنَا مَيْسَرَةُ بنُ مَسْرُوقٍ العَبْسِيُّ، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ صَدَّقْنَا هَذَا الرَّجُلَ وَحَمَلْنَاهُ حَتَّى نَحُلَّ بِهِ وَسَطَ رِحَالِنَا لَكَانَ الرَّأْيُ، فَأَحْلِفُ بِاللَّهِ لَيَظْهَرَنَّ أَمْرُهُ حَتَّى يَبْلُغَ كُلَّ مَبْلَغٍ، فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: دَعْنَا عَنْكَ لَا تُعَرِّضْنَا لِمَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ، فَطَمعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَيْسَرَةَ، فكَلَّمَهُ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ: مَا أَحْسَنَ كَلَامَكَ وَأَنْوَرَهُ، وَلَكِنَّ قَوْمِي يُخَالِفُونَنِي، وَإِنَّمَا الرَّجُلُ بِقَوْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْضُدُوهُ (1) فَالعِدَا أَبْعَدُ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجَ القَوْمُ صَادِرِينَ (2) إِلَى أَهْلِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ مَيْسَرَهُ: مِيلُوا بِنَا إِلَى فَدَكَ (3)، فَإِنَّ بِهَا يَهُودًا، نَسْأَلُهُمْ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَمَالُوا إِلَى يَهُودٍ، فَأَخْرَجُوا سِفْرًا (4) لَهُمْ، فَوَضَعُوهُ، ثُمَّ
(1) يَعْضُدُ فلان: أي يُعِينُهُ. انظر لسان العرب (9/ 253).
(2)
الصَّدَرُ: بالتحريك رجوع المسافر من مقصده. انظر النهاية (3/ 15).
(3)
فَدَكٌ: هي قريةٌ بالحِجَازِ، بينها وبينَ المَدِينَةِ يومَانِ، وقيل: ثلاثةٌ، أفاءَهَا اللَّهُ على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنةَ سبعٍ من الهِجرةِ صُلْحًا، فكانت خَالِصَةً لرسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفيها عينٌ فَوَّارَةٌ ونَخِيلٌ كَثير. انظر معجم البلدان (6/ 417).
(4)
السِفْرُ: بكسر السِّين: هو الكتاب. انظر لسان العرب (6/ 279). =
دَرَسُوا ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّبِيِّ الأمِّيِّ العَرَبِيِّ، يَرْكَبُ الجَمَلَ، وَيَجْتَزِئُ بِالكِسْرَةِ، وَلَيْسَ بِالطَّوِيلِ وِلَا بِالقَصِيرِ، وَلَا بِالجَعْدِ (1) وَلَا بِالسَّبِطِ (2)، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ، مُشْرَبُ (3) اللَّوْنِ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الذِي دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَادْخُلُوا فِي دِينِهِ، فَإِنَّا نَحْسُدُهُ فَلَا نَتَّبِعُهُ، وَلَنَا مِنْهُ فِي مَوَاطِنَ بَلَاءٌ عَظِيْمٌ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ العَرَبِ إِلَّا اتَّبَعَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فكُونُوا مِمَّنْ يَتَّبِعُهُ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ: يَا قَوْمُ! إِنَّ هَذَا الأمْرَ بَيِّنٌ، فَقَالَ القَوْمُ: نَرْجعُ إِلَى المَوْسِمِ فَنَلْقَاهُ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رِجَالُهُمْ، فَلَمْ يَتْبَعْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِيْنَةَ، وَحَجَّ حَجَّةَ الوَدَاعِ، لَقِيَهُ مَيْسَرَةُ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زِلْتُ حَرِيصًا عَلَى اتِّبَاعِكَ مِنْ يَوْمِ أَنَخْتَ بِنَا، حَتَّى كَانَ مَا كَانَ، وَأَبَى اللَّهُ إِلَّا مَا تَرَى مِنْ تَأْخِيرِ إِسْلَامِي، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقَالَ: الحَمْدُ للَّهِ الذِي اسْتَنْقَذَنِي بِكَ مِنْ النَّارِ (4).
= ومنه قوله تعالى في سورة الجمعة آية (5): {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا. . .} .
(1)
جَعْدُ الشَّعْرِ: هو ضِدُّ السَّبِطِ. انظر النهاية (1/ 266).
(2)
السَّبِطُ مِنَ الشَّعْرِ: المُنْبَسِطُ المُسْتَرْسِلُ، أي كَانَ شَعْرُهُ صلى الله عليه وسلم وسَطًا بينَهُمَا. انظر النهاية (2/ 301).
(3)
الإشْرَابُ: هو خَلْطُ لونٍ بِلَونٍ، كأنَّ أحدَ اللَّوْنَيْنِ سُقِيَ اللونَ الآخَرَ. انظر النهاية (2/ 407).
روى ابن حبان في صحيحه بسند صحيح - كتاب التاريخ - باب صفة الرسول صلى الله عليه وسلم رقم الحديث (6311) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان عظيم الهامة، أبيض، مشربًا حُمْرةً.
(4)
انظر دلائل النبوة لأبي نعيم (1/ 293) - أسد الغابة (4/ 206) - البداية والنهاية (3/ 157).