الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
هِمَّةٌ عَجِيبَةٌ:
هَلْ تَرَوْنَ كُلَّ هَذِهِ المَصَائِبَ والأَهْوَالَ أثَّرَتْ في عَزِيمَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم؟ أَوْ نَقَصَتْ مِنْ إيمَانِهِ بِدَعْوَتِهِ وحَمَاسَتِهِ لَهَا؟
. . . واسْتَمَرَّ هَذَا البَلَاءُ، وامْتَدَّ، لَا يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ، وَلَا أُسْبُوعًا، وَلَا شَهْرًا، امْتَدَّ سَنَوَاتٍ طِوَالًا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلا غَيْرَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، لقالَ: حَسْبِي. لَقَدْ عَمِلْتُ مَا عَلَيَّ، وبَذَلْتُ الجُهْدَ، فَإِذًا النَّجَاحُ مُسْتَحِيلٌ، وَقَدْ آنَ لِي أَنْ أَنْسَحِبَ، وَأَقْعُدَ في بَيْتِي.
ولَكِنَّ الِانْسِحَابَ لَا مَكَانَ لَهُ في مَنْهَجِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وكَلِمَةُ مُسْتَحِيلٌ لَا وُجُودَ لَهَا في مُعْجَمِهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِذَا لَمْ يَنْجَحْ في مَكَّةَ فَلْيَنْتَقِلْ إِلَى غَيْرِهَا. فَإِنَّ الدَّعْوَةَ لِلدُّنْيَا كُلِّهَا، وَلِلْعُصُورِ كُلِّهَا (1).
*
تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ:
وَهُنَا وَقَدْ بَلَغَ الهَوْلُ هَذَا المَبْلَغَ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دُعَاءً، مَا تَلَوْتُهُ مَرَّةً إِلَّا فَاضَتْ عَيْنَايَ، ومَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَسْمَعُهُ ويَفْهَمُهُ، يَمْلِكُ قَلْبَهُ أَنْ يَسِيلَ مِنَ الرِّقَّةِ دَمْعًا مِنْ عَيْنَيْهِ (2).
فَلَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْحَائِطِ تَوَجَّهَ إِلَى رَبِّهِ سبحانه وتعالى بِهَذَا
(1) انظر كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص 26.
(2)
انظر كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص 26.