الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ بيْنَ أَصَابعِ الرَّحْمَنِ، وَالهُدَى وَالضَّلَالُ وِفْقَ مَا يَعْلَمُهُ مِنْ قُلُوبِ العِبَادِ وَاسْتِعْدَادِهِمْ لِلْهُدَى أَوْ لِلضَّلَالِ (1).
*
دَفْنُ أَبِي طَالِبٍ:
رَوَى أَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ، وَالطَّيَالِسِيُّ في مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ.
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "اذْهَبْ فَوَارِ (2) أبَاكَ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي".
قَالَ رضي الله عنه: فَوَارَيْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ، فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْتُ، وَدَعَا لِي (3).
*
مَصِيرُ أَبِي طَالِبٍ:
رَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الحَارِثِ عَنِ العَبَّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَوَاللَّهِ كَانَ يَحُوطُكَ (4)
(1) انظر في ظلال القرآن (5/ 2703).
(2)
التَّوَارِي: الاستِتَارُ، أرادَ بهِ الدَّفْنَ. انظر جامع الأصول (7/ 337).
(3)
أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الجنائز - باب الرجل يموت وله قرابة مشرك - رقم الحديث (3214) - والطيالسي في مسنده - رقم الحديث (122) - وأورده الذهبي في السيرة النبوية (1/ 193) وقال: هذا حديث حسن متصل.
(4)
قال الإمام النووي في شرح مسلم (3/ 71): يُقال: حَاطَهُ يَحُوطُهُ حَوْطًا وحِيَاطَةً: إذا صَانَهُ وحَفِظَهُ وذَبَّ عَنْهُ.
ويَغْضَبُ لَكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"هُوَ في ضَحْضَاحٍ (1) مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ في الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"(2).
وَرَوَى الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ:"لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فيجْعَلُ في ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ"(3).
وأخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ"(4).
قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ: الحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ أبَا طَالِبٍ كَانَ تَابِعًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُمْلَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ مُثَبِّتٌ لِقَدَمَيْهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَسُلِّطَ العَذَابُ عَلَى قَدَمَيْهِ
(1) قال الحافظ في الفتح (7/ 592) الضَّحْضَاحُ: هوَ استِعَارَةٌ، فإن الضَّحْضَاحَ منَ الماء ما تئلُغُ الكَعْبَ، والمعنَى أنَّه خَفَّفَ عنهُ العذابَ.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب قصة أبي طالب - رقم الحديث (3883) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه - رقم الحديث (209).
(3)
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب قصة أبي طالب - رقم الحديث (3885) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه - رقم الحديث (210).
(4)
رواه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب أهون أهل النار عذابًا - رقم الحديث (212) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2636).
خَاصَّةً لِتَثْبِيتِهِ إِيَّاهُمَا عَلَى مِلَّةِ آبَائِهِ (1).
قُلْتُ: فَلَمْ يُفْلحْ أَبُو طَالِبٍ رَغْمَ كُلِّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الحِيَاطَةِ وَالنَّصْرِ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
* * *
(1) انظر الرَّوْض الأُنُف (2/ 255).