الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُدْخِلُوهُ في البَيْتِ؟ قَالَ: "إِنَّ قَوْمَكِ قَصُرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ"، قلتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: "فَعَلَ ذلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاؤُوا، ويَمْنَعُوا مَنْ شَاؤُوا، ولَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالجَاهِلِيَّةِ فأخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ في البَيْتِ، وَأنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ"(1).
*
فَوَائِدُ الحَدِيثِ:
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وفي حَدِيثِ بِنَاءِ الكَعْبَةِ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 -
اجْتِنَابُ وَليِّ الأَمْرِ ما يَتَسَرَّعُ النَّاسُ إلى إنْكَارِهِ، وما يَخْشَى مِنْهُ تَوَلُّدَ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ في دِينٍ أَوْ دُنْيَا.
2 -
وفِيهِ تَألُّفُ قُلُوبِهِمْ بمَا لا يُتْرَكُ فِيهِ أمْرٌ وَاجِبٌ.
3 -
وفِيهِ تَقْدِيمُ الأَهَمِّ فَالأَهَمِّ مِنْ دَفع المَفْسَدَةِ، وجَلْبِ المَصْلَحَةِ، وأنَّهُمَا إِذَا تَعَارَضَا بُدِئَ بِدَفع المَفْسَدَةِ.
4 -
وفِيهِ أَنَّ المَفْسَد إِذَا أَمِنَ وُقُوعُهَا عَادَ اسْتِحْبَابُ عَمَلِ المَصْلَحَةِ.
5 -
وفيهِ حَدِيثُ الرَّجُلِ مَعَ أهْلِهِ في الأُمُورِ العَامَّةِ.
6 -
وفيهِ حِرْصُ الصَّحَابَةِ عَلَى امْتِثَالِ أوَامِرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الحج - باب فضل مكة وبنيانها - رقم الحديث (1584) - ومسلم في صحيحه - كتاب الحج - باب جدر الكعبة وبابها - رقم الحديث (1333)(405).
(2)
انظر فتح الباري (4/ 242).
حِفْظُ اللَّهِ تَعَالَى، نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدْرَانِ (1) الجَاهِلِيَّةِ
ظَلَّتْ حَيَاةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إلى البِعْثَةِ حَيَاةً فَاضِلَةً شَرِيفَةً، لَمْ تُعْرَفْ لَهُ فِيهَا هَفْوَةٌ، ولَمْ تُحْصَ عَلَيْهِ فِيهَا زَلَّةٌ، لَقَدْ شَبَّ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحُوطُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِنَايَتِهِ، ويَحْفَظُهُ مِنْ أقْذَارِ الجَاهِلِيَّةِ، لِمَا يُرِيدُهُ لهُ مِنْ كَرَامَتِهِ ورِسَالَتِهِ، حتَّى صَارَ أفْضَلَ قَوْمِهِ مُرُوءَةً، وأحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وأكْرَمَهُمْ حَسَبًا، وأحْسَنَهُمْ جِوَارًا، وأعْظَمَهُمْ حِلْمًا، وأصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وأعْظَمَهُمْ أمَانَةً، وأبْعَدَهُمْ مِنَ الفُحْشِ والأَخْلَاقِ التِي تُدَنِّسُ الرِّجَالَ، حتَّى صَارَ مَعْرُوفًا "بالأَمِينِ" صلى الله عليه وسلم (2).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُعَدِّدُ نِعَمَهُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُولهِ مُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وسَلَامُهُ عَلَيْهِ:{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى. .} وذَلِكَ أَنَّ أبَاهُ تُوُفِّيَ، وهُوَ حَمْلٌ في بَطْنِ أُمِّهِ عليه السلام، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ، وله مِنْ العُمُرِ سِتُّ سِنِينَ، ثُمَّ كَانَ في كَفَالَةِ جَدِّهِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، إلى أَنْ
(1) الدَّرَنُ: الوَسَخُ. انظر النهاية (2/ 108).
ومنه حديثُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري في صحيحه - رقم الحديث (528) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (667) - ولفظه: "أَرَأَيْتُمْ لوْ أَنَّ نَهْرا ببابِ أحَدِكم يغْتَسِلُ منهُ كُلَّ يومٍ خَمْسَ مرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ ".
قالوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شيءٌ.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فذلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا".
(2)
انظر السِّيرة النَّبوِيَّة للدكتور محمد أبو شهبة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (1/ 235).